أكثر " (الخ) لا يدل على كون السلطان جائرا، لأن عمال السلطان العادل يمكن أن يصدر منهم الظلم أحيانا بلا اطلاع من السلطان عليه وضمير الجمع لا يرجع إلى السلطان بل إلى عماله الذين يأخذون الصدقات، ومعلوم أن السلطان لا يأخذ بنفسه بل لعل مفروضية كون الأخذ حقا قرينة على أن السؤال عن السلطان العدل، وأخرى بأن الالتزام بمضمونها غير ممكن لأنه مخالف للقواعد لتجويزه الشراء في غير مورد واحد وهو العلم التفصيلي بالحرام ومقتضاه جوازه مع العلم الاجمالي حتى اشتراء جميع أطرافه دفعة لصدق عدم معرفته بالحرام بعينه ومفصلا وهذا موهن لها فيشكل العمل بها، (مدفوعة) بأن الظاهر الذي كالنص أن السؤال عن السلطان الجائر الذي كانت صدقاتهم محل الابتلاء والسؤال عن كلي لم يكن محل الابتلاء رأسا ولا متوقعا لذلك مقطوع الخلاف ويشهد له أيضا قوله: " الرجل منا يشتري من السلطان " إذ من المعلوم أن المراد به هو الشيعة الإمامية قبال السلطان الذي ليس منا، فالحمل على عمال سلطان العدل وفرض ظلمهم لا ينبغي احتماله، فلا اشكال من هذه الجهة، كما أنه من المحتمل في قوله: " حتى تعرف الحرام بعينه " أن يكون قوله: (بعينه) تأكيدا للحرام لا قيدا للمعرفة، ومع لا تكون الرواية مخالفة للقواعد.
مضافا إلى أن اطلاقها مخالفة لها فيتقيد عقلا فلا يصح طرحها، وليس في السؤال ما يدل على أن المعلوم بالاجمال في مورد الشراء بل الظاهر أن مراده أن السلطان إذا كان في أمواله مظلمة يجوز الشراء منه أم لا، والانصاف أن الخدشة فيها في غير محلها، وقد تقدم أن الحكم ليس مخالفا للعقل بل موافق للاعتبار والعقل لتنظيم أمر المسلمين والإسلام مع عدم بسط يد السلطان العادل وتسهيل الأمر على الأمة فلا معنى لردها بعد الاقرار بظهورها وصحتها واعتماد الأصحاب عليها والعمل بها.
وأما احتمال رجوع ضمير لا بأس به إلى الإبل المذكور أخيرا ويراد به لا بأس بشراء الإبل إلا ما علم أنه حرام وقد علم أن إبل الصدقات حرام حسب القواعد وإنما أجمل في الكلام تقية (لا ينبغي الاصغاء إليه) إذ هو في غاية السقوط كما لا يخفى.