والجزية على الناس بأن يؤدوا إليهم لا إلى غيرهم، وكان صرفها في مصارفها بيدهم من غير اختيار لأحد فيه، فإذا دل الدليل على نفوذ جعل الوالي الجائر كان لازمه العرفي أو مدلوله المطابقي هو وجوب الرد إليه وعدم جواز التخلف والخيانة، وهو نظير ما إذا ورد دليل على إنفاذ معاملة كان مفادها انتقال سلعة بثمن فإن لازم ذلك صيرورة كل من السلعة والثمن منتقلا إلى من أنتقل إليه بحسب الجعل ولازمه العرفي حرمة المنع والخيانة السرقة.
فإذا ضرب الوالي على كل جريب من أرض درهما بأن يؤدي إليه ما ضرب عليها ليصرفه في لمصارف المعهودة، ودل دليل على نفوذ ذلك: كان لازمه صيرورته مالك التصرف شرعا بحسب الوضع ولو حرم عليه تكليفا كما مر ولازم ذلك عرفا حرمة منعه ووجوب أدائه إليه.
وتشعر بذلك أو تدل عليه صحيحة أبي بصير ومحمد بن مسلم (1) جميعا عن أبي جعفر عليه السلام " أنهما قالا له هذه الأرض التي يزارع أهلها ما ترى فيها فقال كل أرض دفعها إليك السلطان فما حرثته فيها فعليك مما أخرج الله منها الذي قاطعك عليه وليس على جميع ما أخرج الله منها العشر إنما عليك العشر فيما يحصل في يدك بعد مقاسمته لك ".
فإن الظاهر منه أن عليه ما قاطعه عليه السلطان أن يرد عليه فإنه المتفاهم عرفا من نظائره لولا قرينة أو دليل على خلافه.
ولما الزكوات ونحوها فلا دلالة بل ولا اشعار في أدلة إنفاذ المعاملات على المأخوذ منها على وجوب أدائها إلى السلطان وهو واضح، مضافا إلى قيام الدليل على وجوب منعها عنهم وهو صحيحة عيص بن القاسم (2) عن أبي عبد الله عليه السلام في الزكاة " قال ما أخذ منكم بنو أمية فاحتسبوا به ولا تعطوهم شيئا ما استطعتم فإن المال لا يبقى على هذا أن يزكيه مرتين "، ورواية أبي البختري (3) عن جعفر عليه السلام عن أبيه عليه السلام " أن عليا عليه السلام كأن يقول اعتد في زكاتك بما أخذ العشار وأخفها عنه ما استطعت.