وأما حاصل المصدر ونتائج الأعمال أي آثارها فلم يقعا مورد الإجارة بل لا معنى له كما هو واضح. وأما المالية فلا يعقل أن تكون في اسم المصدر لا في المصدر فإنها قائمة اعتبارا بالأشياء في الوجود الخارجي أو بلحاظه، والفرض أن المصدر واسمه شئ واحد خارجا وحقيقة فكيف يعقل أن يكون الشئ الواحد مالا وغير مال في ظرف وحدته. فكأنه وقع الخلط بين المصدر واسمه وبين العمل وأثره.
ثم لو سلمنا ما ذكره كان لازمة تصحيح إجارة مطلق الواجبات، نظامية كانت أو غيرها، ضرورة أن التكاليف الشرعية متعلقة بأعمال المكلفين بالمعنى المصدري ولو قيل بصحة تعلقها بحاصل المصدر لكنه يحتاج إلى دليل وإلا فظاهر الأدلة ما ذكر فحينئذ مورد تعلق التكليف غير مورد تعلق الإجارة، لأن موردها بزعمه هو حاصل المصدر أو نتيجة العمل وهما غير متعلقين للتكليف فلو فرض أن يكون شئ منها متعلقا لغرض العقلاء لا بد من القول بصحة الإجارة عليه. وحديث عدم الحصول للمستأجر قد مر ما فيه بل لازم كلامه أن يكون الاستيجار للمحرمات صحيحة لولا دليل آخر غير ما تشبث به " فتدبر ".
وبما مر من البيان تظهر الخدشة في وجه افتراقه بين التكليف في باب الخمس والزكاة وبين التكليف في باب المخمصة بأن في الأول تعلق بالملك وفي الثاني بالاعطاء لما مر من عدم معنى لتعلقه بغير أعمال المكلفين ففي قوله تعالى : آتوا الزكاة كقوله: أقيموا الصلاة: تعلق التكليف بالايتاء والإقامة بالمعنى المصدري. فمتعلق التكليف في باب الزكاة والخمس وباب الاعطاء في المخمسة شئ واحد والاختلاف بينهما في أمر آخر. وهو أن ما وراء التكليف في باب الزكاة والخمس يكون اعتباران آخران.
أحدهما جعل عشر الأموال الزكوية وخمس الغنائم لأربابهما بنحو الإشاعة كما هو الأقوى أو بغيره، أو بنحو جعل الحق كما قيل.
وثانيهما اعتبار العهدة والدينية في نفس التكليف على الظاهر ولهذا لا يصح بيعهما ولا يصح أخذ الأجرة على اعطائهما ولم يعتبر شئ منهما في باب المخمصة