المقام يقال: إن أمر الله تعالى أوجب ملكيته تعالى للعمل والمستأجر ملك ما ملك الله فالله تعالى ملك ذات العمل والمستأجر ملك المملوك له تعالى، وهو بوصف مملوكيته في طول الذات.
وأنت خبير بأن هذا النحو من الطولية لا يصحح اعتبار الملكية بل ينافيه وهو يناقضه، فهل يصح القول بأن الثواب ملك لزيد، وبما أنه ملك لزيد ملك لعمرو، وهل هذا إلا التناقض في الاعتبار لدى العقلاء والعرف والمسألة عرفية لا عقلية لا بد في حلها من المراجعة إلى الاعتبارات العقلائية، لا الدقائق العقلية مع أن مثل هذه الطولية لا يدفع به التنافي في العقليات أيضا فهل يمكن تحريم شئ وايجابه بوصف كونه محرما عقلا.
مضافا إلى أن الطولية في المثالين أيضا مما لا أصل لها، فإن ملكيته تعالى للأشياء بهذا المعنى الاعتباري المبحوث عنه في مثل المقام غير ثابتة، بل لا معنى لها، فهل ترى من نفسك أنه تعالى ملك الأشياء بهذا المعنى المعروف مع أن لازمه أنه لو وهب بتوسط نبي من أنبيائه شيئا من عبده: سقطت ملكيته وانتقلت إلى العبد، فلو كان سبيل ملكيته للأشياء ما لدى العقلاء لا بد من الالتزام بآثارها وهو كما ترى.
والظاهر أن أولوية التصرف والسلطان على التصرفات الثابتة لله تعالى عقلا و للنبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام بجعله تعالى: أوجبت توهم كونهم مالكين للأشياء تلك المالكية الاعتبارية، والسلطنة على سلب الملكية واقرارها غير الملكية كما نشاهد في السلاطين العرفية والقوانين العقلائية، فإن السلطان مثلا ليس مالكا للأشياء بحيث لو مات صارت جميع ما في مملكته إرثا لوارثه ويكون السلطان مستطيعا باعتبار ملك رعيته، بل يكون الملك للرعية والسلطان أولى بالتصرف.
فلله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وآله وللأئمة سلاطين البشر سلطنة على النفوس والأموال من غير أن تكون الأموال ملكا اعتباريا لهم بحيث لو باعوا سلبت منهم الملكية والسلطنة.