من قبيله بل الانتزاعيات تابعة لمنشأ انتزاعها ثبوتا وسقوطا، مضافا إلى أن الدينية والمكية لو كانتا منتزعتين من التكليف لكان اللازم انتزاعهما من كل تكليف وهو واضح الفساد، وكذا الحال لو كان الوجوب واسطة للثبوت أو العروض فالوساطة ومنشأية الانتزاع فاسدتان، مع أنه يكفي في المقام عدم الدليل على الانتزاعية فإذا لم يثبت ذلك يمكن أن تكون الملكية معتبرة بعنوان واحد هو جامع حقيقي بينها أو انتزاعي مع فقد الحقيقي كصاع من صبرة بنحو الكلي في المعين لا بنحو الفرد المردد، وبالجملة مع قيام الدليل على اعتبار العهدة والدينية في واجب تخييري كالتخييريات، في باب الكفارات بل و كالصلاة في الأماكن الأربعة بما ذكرناه من الوجه في ملكية المذكورات لله تعالى ودينيتها: لا يجوز رفع اليد عنه إلا مع قيام الدليل على الامتناع، ومع احتمال الامكان فالدليل متبع، مع أن الامكان فيها ثابت، ففي الكفارة المرتبة والمخيرة معا ككفارة حنث اليمين حيث يجب فيه عتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم مخيرا بينها فإن عجز عن الجميع فصيام ثلاثة أيام: يمكن جعل عنوان واحد منها القابل للصدق على كل منها كالصاع من الصبرة على القادر وعلى العاجز عنها صيام ثلاثة أيام، وقس عليه غيره مما هو أخف مؤنة في الاعتبار.
ومما ذكرناه يظهر الكلام في الواجب الكفائي من حيث امكان اعتبار العهدة والدينية فإنه لو قلنا فيه بأنه واجب على كل مكلف وإن سقط عنهم بايجاد واحد منهم فلا اشكال في صحة اعتبار العهدة عليهم والسقوط بأداء بعضهم.
وإن قلنا بأن المكلف فيه واحد من المكلفين القابل للانطباق على كل مكلف في الخارج وإن لم يكن الانطباق إلا بنحو التبادل بمعنى أنه لا يجب عليهم عرضا كالصاع من الصبرة المبتاع فإنه منطبق على كل صاع من صيعان الصبرة لكن المملوك ليس إلا صاعا واحدا فهو منطبق على كل تبادلا (نعم) قد يكون المكلف في الكفائي واحدا بشرط لا وقد يكون لا بشرط والفرق واضح، فاعتبار العهدة والدينية أيضا مما لا اشكال فيه.