صيرتها عقلا بالفعل فإذا كانت قائمه بذاتها كانت أولى بان تكون معقولة فان الحرارة إذا صيرت الجسم الذي هي فيه متسخنا فلو كانت قائمه بذاتها مستقلة بنفسها كانت أولى بالتسخين وكذا الجسم إذا صار مفرقا للبصر بسبب حصول البياض فيه فلو كان البياض قائما بذاته كان أولى بان يكون مفرقا للبصر وقد علمت ضعف ما احتج به في باب اتحاد العقل بالقوة بالصورة المعقولة فإذا ضعف المبنى عليه ضعف البناء والمبنى.
الطريقة الثانية وهي قريبه المأخذ مما أشرنا إليه أولا (1) وهي ان كل ما كان مجردا عن المادة ولواحقها فذاتها المجردة حاضره لذاتها المجردة وكل مجرد يحضر عنده مجرد فهو يعقله فاذن كل مجرد فإنه يعقل ذاته اما بيان ان كل مجرد فان ذاته حاضره لذاته فلان الشئ الموجود اما ان يكون موجودا لذاته قائما بذاته واما ان يكون موجودا لغيره قائما بغيره وليس لقائل ان يقول لا يلزم من كون شئ موجودا ان يكون موجودا لنفسه أو لغيره (2) لان ما ذكره كلام لا حاصل له ومنشأ هذا الوهم ان حضور الشئ عند الشئ امر إضافي فلا يعقل ثبوته الا عند تغاير الطرفين وقد مر بيان كيفية الحال فيه بوجه لا مزيد عليه ومما ينبه على صحه هذه الإضافة ودفع الحاجة إلى التغاير صحه قولنا ذاتي وذاتك وأيضا فانا نعقل ذواتنا (3) وليست لكل منا ذاتان ذات تعقل وذات هي