الأول القوة التي يكون بها التميز بين الأمور الحسنة والأمور القبيحة.
والثاني المقدمات التي منها تستنبط الأمور الحسنة والقبيحة.
والثالث نفس الافعال التي توصف بأنها حسنه أو قبيحة واسم العقل واقع على هذه المعاني الثلاثة بالاشتراك الأسمى (1) فالأول هو العقل الذي يقول الجمهور في الانسان انه عاقل وربما قالوا في عقل معاوية انه كان عاقلا وربما يمتنعون ان يسموه عاقلا ويقولون ان العاقل من له دين وهؤلاء انما يعنون بالعاقل من كان فاضلا جيد الروية في استنباط ما ينبغي ان يؤثر من خير أو يجتنب من شر والثاني هو العقل الذي يردده المتكلمون على ألسنتهم فيقولون هذا ما يوجبه العقل أو ينفيه العقل أو يقبله أو يرده فإنما يعنون به المشهور في بادي رأى الجميع فان بادي الرأي المشترك عند الجميع أو الأكثر من المقدمات المقبولة والآراء المحمودة عند الناس يسمونه العقل والثالث ما يذكر في كتب الأخلاق ويراد به المواظبة على الافعال التجربية والعادية على طول الزمان ليكتسب بها خلقا وعاده ونسبه هذه الأفعال إلى ما يستنبط من عقل عملي كنسبة مبادئ العلم التصورية والتصديقية إلى العقل النظري واما القوة العالمة وهي العقل المذكور في كتاب النفس فاعلم أن الحكماء يطلقون اسم العقل تارة على هذه القوة وتارة على ادراكات هذه القوة واما الادراكات فهي التصورات أو التصديقات الحاصلة للنفس بحسب الفطرة أو الحاصلة لها بالاكتساب وقد يخصون اسم العقل بما يحصل بالاكتساب (2) واما القوة فنقول لا شك ان النفس الانسانية قابله لادراك حقائق الأشياء فلا يخلو اما أن تكون خاليه عن كل الادراكات أو لا تكون فان كانت خاليه مع أنها تكون قابله لتلك الادراكات كانت كالهيولي التي ليس لها الا القوة والاستعداد من غير أن يخرج