إلى غير النهاية (1) ولأن كل من مارس علما من العلوم وخاض فيه وداوم على مواظبته ومزاولته لا بد وان يستخرج بنفسه ما لم يسبقه إليه متقدموه واستادوه قل ذلك أو كثر فان باب الملكوت غير مسدود على أحد الا لمانع من نفسه وحجاب من غلظه طبعه فبقدر سعيه وحركه باطنه يتلطف ذهنية قلبه ومقدحه طبعه ويستعد كبريت نفسه لان ينقدح فيه شعلة من نار الملكوت أو نور من أنوار الجبروت وكيف لا وقد بينا من قبل ان الاحساس بالجزئيات سبب لاستعداد النفس لقبول التصورات الكلية وعرفت ان حصول التصورات المتناسبة سبب لحكم الذهن بثبوت أحدهما للاخر فكثيرا ما يقع للذهن التفات إلى تصور محمول بسبب الاحساس بجزئياته عند استحضار تصور موضوعه وعند ذلك يترتب عليه لا محاله الجزم بثبوت ذلك المحمول لذلك الموضوع من غير استفاده ذلك عن معلم أو رواية أو سماع من شيخ أو شهادة عدل أو تواتر فظهر ان الانسان يمكنه ان يتعلم من نفسه وكلما كان كذلك فإنه يسمى حدسا وهذا الاستعداد القريب يتفاوت في افراد الناس فرب انسان بالغ في جمود القريحة وخمود الفطنة بحيث لو أكب طول عمره على
(٣٨٥)