وقال أيضا في التعليقات كون الباري تعالى عاقلا لذاته ومعقولا لذاته لا يوجب اثنينية في الذات ولا اثنينية في الاعتبار فالذات واحده والاعتبار واحد لكن في العبارة تقديم وتأخير في ترتيب المعاني والغرض المحصل منهما شئ واحد انتهى.
فقد ظهر وتبين ان الموجود الصوري المجرد عن المادة نفس وجوده يصدق عليه بلا اعتبار صفة أخرى انه عقل وعاقل ومعقول فهذه المعاني كلها موجودة بوجود واحد لا انها ألفاظ مترادفة كما توهم في صفات الله انها مترادفة الألفاظ عند الحكماء القائلين بعينيه الصفات للذات وكذا توهم بعض الناس كصاحب هذا التشكيك حيث يعترض عليهم في قولهم ان وجود الواجب عين ذاته ان مفهوم الوجود بديهي وذاته تعالى مجهول الكنه فكيف يكون المعلوم من الشئ عين المجهول و كذا الكلام في باقي صفاته فإنها معلومه المعاني لأكثر العقلاء وذاته غير معلومه بالكنه الا لذاته وذلك لتوهمه انهم حكموا بعينيه هذه المفهومات كما في الحمل الذاتي الأولى وذهوله عن أن مرادهم من العينية هو الاتحاد في الوجود كما هو شان الحمل المتعارف لا الاتحاد في المفهوم كما في حمل معاني الألفاظ المترادفة بعضها على بعض حملا أوليا غير متعارف.
ثم قال صاحب التشكيك وأيضا قد أقمنا البرهان على أن التعقل حالة إضافية وذلك يوجب كونها مغايرة للذات لكن القوم لما اعتقدوا ان التعقل هو مجرد الحضور ثم عرفوا انه لا يمكن ان يحضر عند الذات منها صوره أخرى زعموا ان وجود تلك الذات هو التعقل ولذلك نحن لما بينا انها حالة إضافية لا جرم حكمنا بان العاقلية صفة مغايرة للذات العاقلة بل يجعل هذا مبدء برهان أقوى على صحه ما اخترناه فنقول ان ادراك الشئ لذاته زائد على ذاته والا لكانت حقيقة الادراك حقيقة ذاته وبالعكس فكان لا يثبت أحدهما الا والاخر ثابت لكن التالي باطل فالمقدم باطل فثبت ان ادراك الشئ لذاته زائد على ذاته وذلك الزائد يستحيل ان يكون صوره مطابقه لذاته للبرهان المشهور (1) فهو اذن امر غير مطابق