تغايرها في الوجود في موضع آخر ولم يعلم أن اختلاف الصفات الثبوتية في الوجود يوجب التكثر في الذات الموصوفة بها وذلك يقتضى التركيب في الذات الأحدية الإلهية وأيضا يلزم على ما ذكره ان لا يكون فرق بين العاقلية والمعقولية وبين الأبوة والبنوة فكما جاز عنده اتصاف الشئ الواحد بكونه عاقلا لذاته ومعقولا لذاته مع تغاير الوصفين في الهوية والذات فليجز عنده كون الشئ أبا لنفسه وابنا لنفسه وكذا الحال في كون الشئ محركا لنفسه ومتحركا عن نفسه فما الفرق بين القبيلين عنده إذا كان في جميع تلك الصفات كانت المغايرة بين الطرفين مفهوما و ذاتا وماهية ووجودا فلما ذا أجمعت الحكماء على أن الشئ الواحد لا يمكن ان يكون محركا لذاته ولا أبا لذاته ولا معلما لذاته وقد جوزوا كون الشئ الواحد عاقلا لذاته معقولا لذاته وبعض العرفاء المحققين الكاملين عندهم ان العقل البسيط كل المعقولات فعلم من ذلك أن مجرد تغاير المفهومات لا يقتضى تغايرها في الوجود فجاز ان يكون هويه واحده بسيطه بجهة واحده بسيطه مصداقا لحمل معاني كثيره وصدق مفهومات كثيره عليها من غير أن ينثلم بذلك وحده ذاته ووحده جهة ذاته وفي كل موضع حكموا بتغاير الجهة واختلاف الحيثية في اتصاف الشئ بمفهومين من المفهومات كالتحريك والتحرك والقوة والفعل والامكان والوجوب والوحدة والكثرة فلم يحكموا بتكثير الجهة هناك بمجرد مغايرة المفهومين في المعنى والماهية بل بأمر خارج عن نفس المفهومين كما افاده الشيخ فيما نقلنا عنه.
وقال أيضا انا نعلم يقينا ان لنا قوه نعقل بها الأشياء فاما ان يكون القوة التي نعقل بها هذه القوة هي هذه القوة نفسها فيكون هي نفسها تعقل ذاتها أو تعقل ذلك قوه أخرى فيكون لنا قوتان قوه نعقل بها الأشياء وقوه نعقل بها هذه القوة ثم يتسلسل بها إلى غير النهاية فيكون فينا قوه نعقل الأشياء بلا نهاية بالفعل فقد بان ان نفس كون الشئ معقولا لا يوجب ان يكون معقول شئ ذلك الشئ آخر وبهذا تبين انه ليس يقتضى العاقل ان يكون عاقل شئ آخر