انه سيبقى بعده فلو كان تعاقب القبلية والمعية والبعدية يوجب وقوع التغير في ذات ذلك الشئ المحكوم عليه بهذه الأحوال لزم التغير في ذات الواجب الوجود وذلك لا يقوله عاقل فلئن قلتم لولا وقوع التغير في هذا الحادث لامتنع وصف الله تعالى بالقبلية والمعية والبعدية فنقول قد جوزتم ان يكون الشئ محكوما عليه بالقبلية و البعدية والمعية بسبب وقوع التغير في شئ آخر فلم لا يجوز ان يكون الزمان كذلك (1) وهذا قول الإمام أفلاطون فإنه يقول المدة ان لم يقع فيها شئ من الحركات و التغيرات لم يكن فيه الا الدوام والاستمرار وذلك هو المسمى بالدهر والسرمد و اما ان حصل فيه الحركات والتغيرات فحينئذ يحصل لها قبليات قبل بعديات و بعديات بعد قبليات لا لأجل وقوع التغير في ذات المدة بل لأجل وقوع التغير في هذه الأشياء انتهى ما ذكره.
وأقول انك قد علمت بالبرهان القاطع وجود هويه متجددة متصرمة لذاتها بلا تخلل جعل بين وجود ذاتها ووجود تجددها والشبهات التي أوردها واستصعب حلها في باب الزمان وحركه فجميعها منحلة العقد مدفوعة الصعوبة بفضل الله حيث يحين حينها في موضع أليق بها والحق تعالى وجوده الخاص به اجل من أن يوصف بالوقوع في القبلية والبعدية (2) بالقياس إلى شئ من الحوادث اليومية ولا بالمعية معها الا معيه أخرى غير الزمانيي وهي المعية القيومية المنزهة عن الزمان وحركه والتغير والحدوث ولعل من القدماء من نفى وجود الزمان مطلقا أراد به ليس انه من له وجود غير وجود الامر المتجدد بنفسه وكذا من نفى وجوده في الأعيان دون الأذهان أراد به انه من العوارض التحليلية التي زيادتها على الماهية في التصور فقط لا من العوارض الوجودية التي زيادتها على معروضاتها في الوجود كما أشرنا