من النبي بمنزلة هارون من موسى، وصحيح أيضا بأن الله قد أعطاه علما لدنيا، وقوة خارقة جعلته فارس العرب والمسلمين قاطبة، وصحيح أيضا بأن عليا داخل بآية المباهلة وهو كنفس النبي، وهو زوج ابنته ووالد سبطيه الوحيدين، وصحيح أن رسول الله قد أمر عليا بأن يلحق أبا بكر ويأخذ منه سورة براءة لأن جبريل قد بلغه بأنه لا يؤدي عنه إلا عليا.
كل هذا صحيح ولا ينكره لا أبو بكر ولا عمر رضي الله عنهما.
ولكن بالمقابل فأن عليا من بني هاشم، ومحمدا من بني هاشم، فإذا أخذ محمد النبوة، وأخذ علي الخلافة فمعنى ذلك أن النبوة والخلافة ستكونان في بني هاشم، فماذا تأخذ البطون القريشية!!! وهل هذه قسمة عادلة!!!
ثم من يضمن لأبي بكر وعمر وبطون قريش عدم إجحاف الهاشميين إذا جمعوا بأيديهم الخلافة والنبوة؟ وطبيعة عمر بالذات، وطبيعة أبي بكر تكره الإجحاف!!
هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن عليا صغير السن، وفتى إذا ما قيس بأبي بكر وبعمر رضي الله عنهما. والعرب بطبيعتها تقدر كبر السن.
والأنكى من ذلك أن علي بن أبي طالب قتل سادات العرب على الإسلام، فهل يقبل العرب أن يتأمر عليهم الرجل الذي قتل آباءهم!!!
على عكس أبو بكر، فلا علم لي أنه قد قتل شخصا واحدا خلال حرب الكفر مع الإيمان!!
كذلك عمر فبالرغم من جرأته الفائقة حتى على الرسول نفسه، إلا أنه لم يسجل يقينيا أنه قد قتل مشركا واحدا خلال حرب الكفر مع الإيمان.
فالعرب تقبل زعامة الذي لم يقتل، ولا تقبل زعامة الفارس الذي طبقت سمعته لأفاق، ودوخ المشركين العرب.
ذلك هو الغطاء الذي غطيت به عملية ابتزاز حق الإمام علي على حد تعبير معاوية في رسالته الشهيرة إلى محمد بن أبي بكر. وهي حجج ثابتة، وقد وثقناها أكثر من مرة في البحوث السابقة.