والمستقبل، فتصل من تشاء وتقطع من تشاء، وتعطي من تشاء وتحرم من تشاء تلك هي الحقيقة ولا يمكن لعاقل أن يتجاهلها.
وقد فهم الهاشميون مضمون الرسالة، ولكن ثقتهم بالشرعية وسلطانها كانت مطلقة فاحتجوا بالشرعية، فكانت السلطة الجديدة هي الخصم والحكم ففسرت الشرعية لصالحها.
فأنف الآل الكرام أن يسلموا بالأمر الواقع وأن يعترفوا بشرعيته، أو حقه بالحكم، فردت السلطة على ذلك ردا موجعا وحاسما وأليما فأصدرت قراراتها الاقتصادية، حرمت الآل الكرام من إرث النبي، وصادرت المنح التي أعطاها لهم النبي أثناء حياته، ثم حرمت عليهم الخمس الثابت لهم بآية محكمة، وحتى تثبت أنها سلطة عادلة قررت أن تتفضل وتقدم لآل محمد المأكل من كل ذلك وليس لهم إلا المأكل وحده وقد وثقنا ذلك ذهل الآل الكرام من هول هذه القرارات وقسوتها، فضجوا واحتجوا بالقرآن والسنة والمنطق، فكان رد السلطة حاسما أن كل ما تركه محمد، وكل ما منحه محمد لأهل بيته، والخمس المخصص لأهل البيت الكرام كل هذه مجرد طعمة من الله للخليفة الجديد!! ومرة أخرى صارت السلطة هي الخصم والحكم وفسرت الشرعية لصالحها ففازت القوة وانتصرت الغلبة، وسقطت الشرعية، وختمت فاطمة الزهراء حجتها بالقول:
فيا حسرتي لكم، وأنى بكم وقد عميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون.
ولا بد أمام الآل الكرام من قبول الأمر الواقع، ومن التسليم بأن الشرعية قد هزمت تماما، وأن الانقلاب قد نجح، وأن السلطة الجديدة قد أحكمت قبضتها على الرعية، فإما أن يقبل الآل الكرام ذلك أو يموتوا جوعا وقهرا، أو قتلا، لأن السلطة الجديدة لن تسمح لأحد أن يعيش تحت حكمها وأن لا يواليها والسلطة الجديدة عادلة فيكفيها أن يتظاهر الآل الكرام بالموالاة وأن يكفوا عن الطعن فإن فعلوا ذلك فقد نجوا ونجاة الآل الكرام وطعنهم واحتجاجهم وموالاتهم للسلطة لا قيمة لها فالسلطة لا تحتاجهم على حد تعبير عمر، ولكن السلطة الجديدة تخشى على الآل الكرام من