ولسوء الحظ أيضا أن أبا بكر يتعاطف مع مصالح البطون، ويريد إنصافها، ويريد لها أن تجتمع حول الإسلام ولا تتفرق. وأبو بكر رجل وديع يكره المواجهة، ورجل كبير بالسن، والعرب تحترم كبر السن، لذلك فإن عمادة البطون عمليا كانت لعمر، وفخريا كانت لأبي بكر الصديق رضي الله عنهما.
ومما لا شك فيه أن البطون القريشية مجتمعة كانت أقوى القوى السياسية في عاصمة النبي.
3 - الأنصار: وهما الأوس والخزرج والبطون المؤلفة لهذين الرهطين، وقد طبعا على التنافس في ما بينهم، فلم يقبل أحد منهما رئاسة الآخر، وقد لطف الإسلام حدة التنافس وساعد على تصفية النفوس، لكنه لم يقتلع النزعات الخفية للقناعات القبلية، وأكثريتهم تحب من أحب الله ورسوله، وتتعاطف مع الإمام علي.
4 - أبو سفيان وبنو أمية: صحيح أن بني عبد شمس من البطون ولكن موقع أبي سفيان القيادي ومكانته في الجاهلية يأنفان به عن القبول بالتبعية لبني تيم قوم أبي بكر أو بني عدي قوم عمر، فهو مؤمن ومقتنع أن هذين البطنين خلقا ليقادا لا ليقودا.
وقد حاول أبو سفيان أن يتحالف مع علي ضد أبي بكر تحت شعار بني عبد مناف، ولكن عثمان كان في صف أبي بكر، فضلا عن ذلك، فإن أبا بكر وعمر قد استرضياه وتركا له ما بيده من الصدقات، وأمرا ابنه على جيش الشام، فانضم إلى تحالف البطون وتوطد أمر معاوية بعد موت أخيه، وآلت لمعاوية زعامة بطون قريش المتحالفة.
5 - المنافقون: الذين آمنوا بألسنتهم وكفرت قلوبهم وهم قطاع كبير من أبناء المجتمع اليثربي، معروفون، وآخرون غير معروفين، غالبوا النبي فغلبهم، وخادعوا الله فخدعهم، ومكروا وأحاط الله بمكرهم، وكشفهم وعراهم، وبين الوسائل التي تميزهم - ومنها كراهيتهم للنبي، وبغضهم لعلي - وقد هلل