وأما السنة فيحتاج أن يعرف منها شيئا: المتواتر والآحاد - ليعمل بالمتواتر دون الآحاد - والخاص والعام والناسخ والمنسوخ لما تقدم في نص القرآن، ولما كان في السنة مجمل ومفسر ومطلق ومقيد - كما في الكتاب - احتاج إلى أن يعرف جميع ذلك لما تقدم ذكره.
ويعرف الإجماع والاختلاف، لأن الإجماع حجة لئلا يقضي بخلافه ويعرف الاختلاف ليعلم هل هو موافق لبعض الفقهاء أم لا؟ وهذا عندنا يضعف إدخاله في هذا الموضع، والمعول على ما تقدم:
وأما لسان العرب فيحتاج إلى معرفته، لأن صاحب الشرع عليه وآله السلام خاطبنا به.
وقد ذكر أنه لا يلزمه أن يكون عارفا بجميع الكتاب، بل يكفي في ذلك معرفته بالآيات المحكمة وذكر: إن جميع ذلك خمس مأة آية وذلك يمكن معرفته.
والسنة تكفي أن يتعلق بالأحكام من سننه دون آثاره وأخباره، فإن جميع ذلك لا يحيط به أحد علما، وما قبلها مدون في الكتب في أحاديث مخصوصة.
وأما الخلاف، فهو متداول بين الفقهاء يعرفه أصاغرهم.
وأما لغة العرب، فيكفي أن يعرف شيئا ذكرناه دون أن يكون عارفا بجميع اللغات وهذه الجمل الأخيرة غير بعيدة من الصواب، بل الظاهر أن القاضي إذا كان علمها كانت كافية له فيما هو عليه.
وأما كونه عدلا ثقة فلا بد منه، لأنه إن كان فاسقا لم ينعقد له القضاء بالإجماع إلا خلاف الأصم (1) لأنه أجاز أن يكون فاسقا وخلافه غير مؤثر في الإجماع.
وأما كونه كاملا، والمراد به كامل الخلقة والأحكام.
أما كامل الخلقة، أن يكون بصيرا، لأنه إن كان أعمى لا ينعقد له القضاء، لأنه يحتاج إلى معرفة المقر من المنكر، والمدعي من المدعى عليه، وما يكتبه كاتبه بين