غير ذلك ولا [يجلس على التراب ولا على بارية المسجد لأنه أهيب له] عند الخصوم [وأنفذ لأمره، ويجلس عليه وحده ليتميز من غيره عند تقدم الخصم] إليه. ويكون متوجها إلى القبلة لما روي عنه (صلى الله عليه وآله) من قوله: خير المجالس ما استقبل به القبلة (1) وقد ذكر أنه يكون ظهره إليها، ليكون وجوه الخصوم في الاستحلاف إليها.
فالأول أظهر.
فإذا جلس، وقف على رأسه ثقة ترتب الناس، فتقدم السابق فالسابق، والأول فالأول، ولا يقدم من تأخر، ولا يؤخر من تقدم، لأن السابق أحق من غيره، ثم ينظر في ذلك فإن كان يكتب لنفسه كتب ما يحتاج إليه، فإن لم يكتب لنفسه اتخذ كاتبا ثقة حافظا، ويجلس بين يديه قريبا منه بحيث يشاهد ما يكتبه.
وينبغي أن يكون في مجلسه أهل العلم من أهل الحق، ليكون متى حدثت حادثة تحتاج فيها إلى سؤالهم عنها ليذكر الجواب فيها، والدليل عليها، فإن كانوا بالقرب منهم، ذاكرهم وإن كانوا بعيدين عنه استدعائهم لذلك. فإذا حكم بحكم وكان موافقا للحق لم يكن لأحد معارضته فيه، وإن أخطأ وجب عليهم أن ينهوه وليس عندنا في الشرع قياس، ولا اجتهاد، ولا كل مجتهد عندنا مصيب، فيوجب عليهم تنبيهه من هذه الوجوه.
وينبغي أن يحضر عنده شهود البلد، يستوفي بهم الحقوق ويثبت لهم الحجج والسجلات والمحاضر وأما مكان جلوسهم: فإن كان الحاكم من يحكم بعلمه فإن [شاء استدناهم وإن] أراد، باعدهم عنه لأنه إن كان يقضي بعلمه [فمتى أقر عنده مقر بحق ثم رجع] عنه حكم عليه بعلمه، ولا يحتاج إلى [الشهادة على إقراره، وإن كان ممن لا يقضي] الحكم بعلمه، استدعاهم إليه بحيث يسمعون [كلام الخصمين كيلا يقر منهم مقر] ثم يرجع عنه وإذا رجع عنه شهد به عنده شاهدان وحكم عليه بالبينة لا بعلمه فإذا جلس للحكم كان أول ما ينظر فيه حال المحبسين. لأن الحبس عذاب،