وبعبارة أخرى: الثواب إنما يترتب على فعل العبادة، والعقاب يترتب على ترك العبادة فلا يمكن أن يكون النيل إلى الثواب، والأمن من العقاب موجبا لعبادية الشئ، بل لا بد من قصد الأمر الذي به يكون الشئ عبادة.
ومن هنا أشكل على من عد قصد النيل إلى الثواب والأمن من العقاب في عرض قصد الأمر، وجعل كل منهما موجبا للعبادة بما حاصله: أن قصد الثواب والعقاب في طول قصد الأمر، لما عرفت من أنهما مترتبان على العبادة المتوقفة على قصد الأمر، ومعه لا يمكن أن يكونا في عرض قصد الأمر، فلا بد في العبادة من توسيط قصد الأمر، إلا إذا كان الشئ بنفسه عبادة، كالسجود لله، وقد تقدم شطر من الكلام في ذلك في أوائل مباحث النية، هذا وقد اختار شيخنا الأستاذ مد ظله كفاية قصد ذلك في صحة العبادة.
وذلك لأن الكلام في المقام بعد الفراغ عن إشكال كيفية اعتبار الداعي في العبادة، وأنه كيف يمكن الأمر بالعبادة، مع أن العبادة متوقفة على الاتيان بالدواعي القربية، والدواعي لا يمكن أخذها في متعلق الأمر، لأنها لا تتعلق بها إرادة الفاعل، وما لا يتعلق به إرادة الفاعل لا يمكن أن يتعلق به إرادة الآمر، وقد عرفت أن الاشكال مطرد في جميع الدواعي القربية، من دون خصوصية لقصد الأمر، مضافا إلى ما يرد من أخذ خصوص قصد الأمر في المتعلق من المحاذير الأخر، على ما أوضحناه في باب التعبدي والتوصلي، وبالجملة: الكلام في المقام في تعداد الدواعي القربية، مع قطع النظر عن الاشكال الوارد في وجه اعتبارها في العبادة المأمور بها، فدعوى أن الأمن من العقاب والنيل إلى الثواب لا يترتبان على ذات العمل، بل على ما هو عبادة. فلا يعقل أن يكون الشئ عبادة بهما، هي بعينها ترجع إلى الاشكال في كيفية أخذ الدواعي في متعلق العبادة، وليس إشكالا آخر كما لا يخفى وجهه، على المتأمل. وقد عرفت أن كلامنا في المقام