هو الغاية القصوى والمقصود بالأصالة من دون نظر إلى ما تستتبع فعلها من الدرجات وما يستتبع تركها من الدركات بل كان النظر هو نفس امتثال الأمر حيث إنه تعالى أهل لأن يمتثل أمره كما قال عليه السلام: ما عبدتك خوفا من نارك.. إلخ. وأخرى يكون الأمر باعثا بمعونة الغايات القربية من سلسلة علل الأمر كالمصالح والمفاسد وسلسلة معلولاته كالثواب والعقاب مطلقا دنيويا كان أو أخرويا.
والحاصل: أنه بعد ما كان المقرب هو الفعل العبادي لا ذات الفعل فلا بد في العبادة من قصد امتثال الأمر إذ بذلك يكون الفعل عباديا ثم إن باعثية الأمر ومحركيته نحو الفعل لا بد وأن يكون له جهة تقع جوابا لسؤال من يسأل لم قصدت الأمر وكان باعثا لك نحو الفعل إذ لا يمكن أن يكون نفس الأمر بما هو أمر باعثا وإلا كان ينبغي أن يكون كل أمر صادر من كل أحد باعثا فلا بد في باعثية الأمر من أن يعلل بعلة تقع جوابا لقول القائل لم صار الأمر باعثا لك نحو الفعل فهذه العلة والجهة تارة تكون أهليته تعالى لأن يمتثل أمره واستحقاقه للعبودية فيكون أمر الله تعالى من حيث إنه أمر صادر ممن يكون أهلا لأن يمتثل أمره هو المحرك بالأصالة والغاية المقصودة من دون أن يكون هناك نظر إلى سلسلة علل الأمر ومعلولاته بل كانت العبادة أقصى غاية أمله وهذا المعنى هو المعني بقوله عليه السلام " بل وجدتك أهلا لذلك " بداهة أن الأمير عليه السلام إنما كان يعبد الله تعالى لكونه أهلا للعبادة. وقد عرفت أن عبادة الله إنما تكون بقصد امتثال الأمر الذي به يتحقق العبادة وليس مراد الأمير عليه السلام أني ما كنت قاصدا لامتثال الأمر بل كان المحرك لي على العمل هو أهليتك فإن كون الأهلية بنفسها تكون محركة للعمل بلا توسيط قصد الأمر إنما يكون فيما إذا كان ذلك العمل بنفسه وبذاته مقربا لديه تعالى وهو منحصر بالسجود وأما في غيره