فلا بد من توسيط قصد الأمر الذي به يكون العمل عبادة وأخرى تكون العلة والجهة التي يكون الأمر باعثا نحو العمل غير الأهلية من الفوز برضاه والأمن من سخطه وأمثال ذلك مما كان معلولا للأمر. وبذلك ظهر فساد ما في بعض الكلمات من جعل قصد الأمر في عرض قصد التخلص من العقاب أو نيل الثواب حتى أنهى بعض نية التقرب إلى عشرة وجعل كل واحد منها مناطا لعبادية العمل. وجه الفساد هو أن التخلص من العقاب والنيل إلى الثواب معلول لقصد الأمر وفي طوله وما كان في طول الشئ لا يمكن أن يكون في عرضه بل لو قصد التخلص من العقاب بلا توسيط قصد الأمر كان عمله باطلا إذا التخلص من العقاب ليس من لوازم نفس العمل بل من لوازم العبادة والعبادة لا بد فيها من قصد الأمر بحيث يكون هو الباعث والمحرك وسيأتي مزيد توضيح لذلك إن شاء الله (1). وعلى كل حال لا بد من أن يكون الباعث هو الأمر إما بنفسه وإما بأثره ومعلوله. وأما إذا لم يكن الأمر بنفسه باعثا ولا بمعلوله كان العمل باطلا كما إذا كان الباعث هو الأجرة والمال الذي يبذله الباذل لمن صلى صلاة الليل مثلا بداعي امتثال أمرها.
وتصحيح بعض الأعلام ذلك وجعله من باب الداعي [إلى] الداعي سخيف غايته صغرى وكبرى، أما الصغرى فلأن داعي الداعي إنما يصح فيما إذا كان الداعي الأول الذي أوجب داعي الأمر من معلولات الأمر ومن الآثار المترتبة عليه شرعا كالثواب والعقاب ولو كان دنيويا بوعد من الشارع. وأما إذا لم يكن الداعي واقعا في سلسلة معلولات الأمر بل كان أمرا أجنبيا عن الأمر