ونحن لو خلينا وأنفسنا لقلنا إن سقوط الأذان عزيمة مطلقا ولو تنفل بينهما إلا أنه ورد في خبر زريق عن الصادق عليه السلام: أنه ربما كان يصلي يوم الجمعة ركعتين إذا ارتفع النهار وبعد ذلك ست ركعات أخر وكان إذا ركدت الشمس في السماء قبل الزوال أذن وصلى ركعتين فما يفرغ إلا مع الزوال ثم يقيم الصلاة الظهر ويصلي بعد الظهر أربع ركعات ثم يؤذن ويصلي ركعتين ثم يقيم ويصلي العصر (1). وهذا يدل على عدم سقوط الأذان مع التنفل بين الصلاتين، فيكون مقتضى الجمع بين الروايات هو أنه في موارد استحباب الجمع كيوم الجمعة وعرفة والمزدلفة يسقط الأذان للصلاة الثانية عزيمة إن لم يتنفل بينهما ورخصة إن تنفل، فتأمل، فتأمل جيدا. هذا كله في موارد استحباب الجمع.
وأما في موارد استحباب التفريق كسائر الأيام فإن جمع بين الصلاتين مع التنفل بينهما فلا يبعد دعوى كون السقوط أيضا رخصة للأولوية فإنه لو كان التنفل في موارد استحباب الجمع موجبا لكون السقوط رخصة ففي غير موارد استحباب الجمع يكون السقط رخصة مع التنفل أولى.
وأما مع عدم التنفل بينهما فمقتضى القاعدة كون السقوط عزيمة لعدم دليل لفظي يدل على ثبوت الأذان مع ما ورد من فعل الأئمة والنبي صلى الله عليه وآله من ترك الأذان مع الجمع في عدة من الروايات (2).
ودعوى أن مجرد عدم فعلهم عليهم السلام للأذان لا يوجب تخصيص المطلقات الدالة على استحباب الأذان لكل صلاة لجواز تركهم المستحب أو كان تركهم لبيان ذلك فاسدة فإن تركهم المستحب لم يعهد عنهم وبيانهم لجواز الترك