والحاصل أن الفعل الاختياري هو ما كان عن قصد وإرادة فأي مقدار من الفعل دخل تحت القصد وتعلقت به الإرادة يكون الفعل بذلك المقدار اختياريا فلو تعلق القصد بذات الفعل والقدر المشترك بين الأنواع والأصناف كان الاختياري هو ذلك القدر المشترك دون الخصوصيات المنوعة والمصنفة وذلك واضح غايته.
وحينئذ لو كان المأمور به نوعا خاصا من صوم الكفارة وصلاة الظهر وأمثال ذلك فلا بد من القصد إلى ذلك النوع ويكون هو متعلق الإرادة بوجه من الوجوه، ولا يكفي القصد إلى القدر المشترك من القصد إلى الصيام المطلق والصلاة كذلك عن قصد الكفارة والظهر وإن لم يكن في ذمته إلا ذلك فإن انحصار ما في الذمة في خصوص صوم الكفارة أو صلاة الظهر لا يوجب وقوع صوم الكفارة وصلاة الظهر من دون أن تتعلق الإرادة بهما والقصد إليهما بل يقع باطلا حينئذ لعدم القصد إلى ما هو المأمور به حقيقة، وقد عرفت أن القصد إلى حقيقة المأمور به مما لا بد منه.
وبذلك يظهر أنه لو نوى القصر (1) مقام التمام أو نوى الجمعة بدل الجنابة والعصر بدل الظهر يقع باطلا وإن اعتقد أن ذلك هو المأمور به، وليس ذلك من الخطأ في التطبيق لأن مورد الخطأ في التطبيق إنما هو بعد القصد إلى حقيقة المأمور به، وحقيقة الأمر على ما سيأتي في الركن الثاني، وبعبارة أخرى موقع الخطأ في التطبيق إنما هو الخصوصيات الخارجة عن حقيقة المأمور به وعن حقيقة الأمر من الأداء والقضاء والوجوب والاستحباب، وأما الخصوصيات التي لها دخل في حقيقة المأمور به أو في حقيقة الأمر فلا بد من القصد إليها ولمعرفة أن أي خصوصية تكون داخلة في حقيقة المأمور به وأي خصوصية تكون خارجة عنه مقام آخر لا بد من استظهار ذلك من الأدلة والغرض في المقام مجرد بيان الفرق بين