من كلا القيدين التفريق على الأوقات والفصل العرفي، ثم إن الجمع بين الصلاتين تارة يكون أفضل من التفريق كما في يوم الجمعة وعرفة بالنسبة إلى الظهرين والمزدلفة بالنسبة إلى العشاءين غايته أن في يوم الجمعة ويوم عرفة يستحب فعل الثانية في وقت الأولى وفي المزدلفة يستحب فعل الأولى وهي المغرب وفي وقت الثانية وأخرى يكون التفريق أفضل كما في سائر الأيام إذ يستحب تفريق الصلوات على أوقاتها وثالثة يتساوى الجمع والتفريق كقضاء الصلوات إذ لا يتفاوت فيه بين الجمع والتفريق.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن الذي يقتضيه الجمع بين الروايات هو أنه لو كان الجمع أفضل فأذان الثانية ساقط عزيمة إن لم يتنفل بين الصلاتين ورخصة إن تنفل ولو كان التفريق أفضل فعند الجمع مع التنفل في البين يسقط أذان الثانية رخصة ومع عدم التنفل يكون السقوط عزيمة إلا أن يكون إجماع على خلافه ولو تساوى كل من الجمع والتفريق كان السقوط أيضا عزيمة، وليس في هذا مظنة الاجماع على كون السقوط رخصة كما كان مظنته في موارد استحباب التفريق فجمع بلا تنفل كما يشعر إليه كلام الشهيد - رحمه الله - في اللمعة (1).
وينبغي حينئذ ذكر الأخبار حتى يعلم انطباقها على ما قلناه فنقول: منها خبر غياث: الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة (2). وبهذا الخبر قد استدل على سقوط أذان العصر في يوم الجمعة لأن الأذان الأول في يوم الجمعة هو أذان الصبح والأذان الثاني أذان الظهر فيكون الثالث أذان العصر هذا، ولكن الظاهر أن يكون المراد من الأذان الثالث الأذان الثاني لصلاة الجمعة الذي أبدعه عثمان أو معاوية