والحاصل: أنه ليس لنا في الأدلة عنوان النسيان والسهو أو المحل السهوي والعمدي، بل نحن وحديث " لا تعاد " وقلنا: إن المستفاد من الحديث هو أن كل جزء يلزم من جزئيته إعادة الصلاة، فالحديث ينفي جزئيته، إذا لم يكن من الأركان، وكل جزء لم يلزم منه ذلك فهو باق على جزئيته. ومن ذلك نستخرج بقاء محل الجزء المنسي وعدم بقائه. وحينئذ المنسي هو السجدتان أو السجدة الواحدة لا التسليم فإن كان المنسي السجدتين فهو بنفسه مندرج في عقد المستثنى، وإن كان السجدة الواحدة أو التشهد فهو مندرج في عقد المستثنى منه. ولا موجب حينئذ لرفع اليد عما دل على أن بالتسليم ينصرف عن الصلاة، فتأمل في المقام جيدا. هذا إذا كان المنسي غير التسليم.
وأما إذا كان المنسي نفس التسليم، فمحله يبقى إلى فعل ما ينافي الصلاة عمدا وسهوا، كالحدث، وبعد ذلك تبطل صلاته، لأنه ما لم يتحقق منه التسليم فهو بعد في الصلاة، فيكون الحدث واقعا في الصلاة فتبطل. نعم لو فعل ما ينافي الصلاة عمدا لا سهوا كالتكلم عاد إلى التسليم وصحت صلاته لأن غايته وقوع التكلم منه في الصلاة سهوا وهو غير مانع.
ومن الغريب أنه قال بعض: بصحة الصلاة عند نسيان التسليم وفعل ما ينافي الصلاة عمدا وسهوا لأن التسليم جزء غير ركني فنسيانه لا يضر بمقتضى حديث " لا تعاد " (1). وقال أيضا: ببقاء محل التسليم عند فعل ما ينافي الصلاة عمدا لا سهوا والجمع بين هذين القولين جمع بين المتنافيين لأنه بنسيان التسليم إما أن يكون بعد في الصلاة، وإما أن يكون قد خرج عن الصلاة، فإن كان بعد في الصلاة، كما هو لازم قوله ببقاء محله عند فعل ما ينافي الصلاة عمدا لا سهوا، كان