بطلان صلاته، فيبقى الجاهل والناسي تحته - مما لا وجه له، ولا يمكن الالتزام به:
أما (أولا) فلما عرفت من أن شموله للعامد والجاهل لا يمكن إلا بذلك المعنى، الذي يكون الحديث معارضا لكثير من الأدلة، وقد عرفت أن صدر الحديث يأبى عن ذلك.
وأما (ثانيا) فلأن الاجماع كما انعقد على خروج العامد كذلك انعقد على خروج الجاهل أيضا، إلا في الجهر والاخفات والقصر والاتمام، كما يظهر ذلك للمتتبع.
الوجه الثاني: من المعنى الذي يتحمله الحديث، هو أن لسان الحديث لما كان بلسان عدم الإعادة، فلا بد من أن يلاحظ في أن في أي مورد يلزم من جزئية الشئ الحكم بإعادة الصلاة، وفي أي مورد لا يلزم منه ذلك. ومعلوم أن الحكم بإعادة الصلاة إنما يكون فيما إذا لم يمكن التكليف بذلك الجزء لمكان تعذره، وإلا لو أمكن التكليف بذلك الجزء في حال تركه لمكان عدم تعذره والقدرة على فعله، فلا موجب للحكم بإعادة الصلاة، بل نفس التكليف بذلك الجزء بعد باق على حاله. وعلى هذا الوجه لا محيص عن القول باختصاص الحديث بالناسي ولا يعم العامد والجاهل، لعدم تعذر التكليف بالجزء بالنسبة إلى العامد والجاهل، للقدرة على فعله في حال عمده وجهله، لأن الجهل لا يوجب سلب قدرة الجاهل عن فعل الجزء، وهذا بخلاف الناسي، فإن الناسي في حال نسيانه لا يعقل تكليفه بالجزء المنسي لعدم قدرة الناسي على فعل المنسي في حال نسيانه، فلا بد من خروج ذلك الجزء عن تحت دائرة الطلب والتكليف.
وحينئذ لو لم يكن لنا حديث " لا تعاد " (1) كان مقتضى القاعدة بطلان