فهي تستطيع مضايقة مكة اقتصاديا؟ لوقوعها على طريق القوافل التجارية المكية، وقريش تعيش على التجارة بالدرجة الأولى.
وقد تقدم قول المشركين لعبد الله بن أبي، حين بيعة العقبة: " ما من حي أبغض من أن تنشب الحرب بيننا وبينه منكم ".
وتقدم أيضا: أنهم لما أخذوا سعد بن عبادة بعد بيعة العقبة وعذبوه، جاء الحارث بن حرب وجبير بن مطعم وخلصاه، لأنه كان يجير لهما تجارتهما.
وإذا كانت قريش قد لقيت من أبي ذر ما لقيت، حين أخذ عليها طريق تجارتها، فإن ما سوف تلقاه من أهل المدينة سيكون أشد، وأعظم خطرا، وأبعد أثرا، ولا سيما إذا عقد الرسول " صلى الله عليه وآله وسلم " تحالفات مع سائر القبائل المقيمة في المنطقة، كما حصل بالفعل، وكانت المعاهدة بصورة تجعلهم مضطرين لقطع علاقاتهم بالمشركين (1).
2 - لقد عرفنا مما تقدم: أن الهجرة إلى المدينة هي الحل المفروض، الذي لا خيار معه؟ وذلك لان الهجرة إلى الطائف لم تكن بالتي تجدي نفعا، بعد أن رأينا: أن أهلها رفضوا الاستجابة إلى النبي " صلى الله عليه وآله وسلم "، حينما هاجر إليهم، لانهم يرون: أن مكة هي التي تستطيع أن تضايقهم اقتصاديا، وهم إليها أحوج منها إليهم.
ولأجل ذلك فإنهم لا يستطيعون في المستقبل المنظور على الأقل إلا أن يدوروا سياسيا في فلكها، وأن يخضعوا لسيطرتها. وأما سائر قبائل العرب؟ فلا يجدون في أنفسهم القدرة على ذلك. وقد جرب أن يعرف