وقد أنهكتهم الحروب واكلتهم، ويعيشون في رعب دائم وخوف مستمر، حتى إنهم ما كانوا يضعون السلاح لا في الليل ولا بالنهار (1). وتقدم أن الخزرج ذهبوا إلى مكة يطلبون الحلف من القرشيين فلم تلب قريش طلبهم. وكانوا يتمنون من كل قلوبهم: أن يجدوا مخرجا من المأزق الذي يرون أنفسهم فيه، حتى إن أسعد بن زرارة لا يخفي لهفته على هذا الامر؟
حيث قال للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم " حينما دعاه إلى الاسلام: (إنا من أهل يثرب من الخزرج، وبيننا وبين اخوتنا من الأوس حبال مقطوعة، فإن وصلها الله بك، ولا أحد أعز منك الخ، (2).
ثم وبعد أن دخل الاسلام إلى المدينة، فقد كان لا بد أيضا من الحفاظ على المسلمين فيها، وشد أزرهم، حتى يمكن لهم الاستمرار في نصرة هذا الدين، واعلاء كلمة الله.
7 - لقد كانت بشائر اليهود بقرب ظهور نبي في المنطقة قد جعلت الكل مستعدين لقبول هذا الدين. ولكنهم يحتاجون إلى مناسبات دافعة، إلى ظروف مشجعة؟ فلماذا يهملهم الرسول " صلى الله عليه وآله وسلم "، ولا يهيئ لهم الفرصة لذلك؟!.
8 - هذا كله، عدا عن أن أهل المدينة أنفسهم قد طلبوا ذلك من النبي الأكرم (ص) وبايعوه بيعة العقبة، ووعدوه النصر، والنبي (ص) إنما يتصرف وفق الإرادة الإلهية التي لا تغيب عنها تلك المصالح وسواها.
فالله هو الذي يرعاه ويسدده، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين.
هذا ما رأينا الإشارة إليه في هذا الصدد.