حفاظا على الدين والانسانية، لان به يعز الدين، وتعلو كلمة الله، وهو قوة للاسلام، لأنه محل استقرار وهدوء، وموضع بناء القوة فكريا وروحيا وماديا، ثم الحركة على صعيد التنفيذ للانتقال إلى الوضع الأفضل والأمثل. أما حيث الغربة وعدم الاستقرار، فهناك الضياع، وهدر الطاقات، وحيث لا يجد الانسان الفرصة للتأمل والتفكير في واقعه، ولا في مستقبله، ولو أنه استطاع ذلك، فلسوف لا يستطيع تنفيذ قراراته، لعدم المركزية التي تمنحه الحركة المنظمة، والثابتة. ثم التركيز والاستمرار.
نعم، إن الوطن ليس إلا وسيلة للدفاع عن الدين والحق، وللوصول إلى الاهداف الخيرة والنبيلة، فالدين والانسان هو الأصل، والوطن وغيره لا بد وأن يكون في - خدمة هذا الدين، ومن أجل ذلك الانسان.
فمن يحافظ على وطنه، ويحبه بدافع الحفاظ على الاسلام؟ وحبه، فإن حفاظه وحبه هذا يكون من الايمان.
وأما إذا كان الوطن وطن الشرك والكفر والانحراف، والانحطاط بإنسانية الانسان؟ فإن الحفاظ على وطن كهذا وحبه يكون حفاظا على الشرك وتقوية له، كما أن حبه هذا يكون من الكفر والشرك، لا من الايمان والاسلام.
ومن أجل ذلك فقد حكم الاسلام والقرآن على من كان في بلاد الشرك، وكان بقاؤه فيها موجبا لضعف دينه وإيمانه: أن يهاجر منها إلى بلاد الايمان والاسلام، إلى حيث يستطيع أن يحتفظ بدينه قويا فاعلا، وبإنسانية خلاقة نبيلة قال تعالى: في إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا: فيم كنتم؟ قالوا: كنا مستضعفين في الأرض قالوا: ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها؟ فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا " (1).