بكل من يقدم مكة أولا، ويطمعونه بمبالغ خيالية ثمنا لسلعته، شرط أن لا يبيعها للمسلمين. وكان أبو لهب هو رائدهم في ذلك؟ فكان يوصي التجار بالمغالاة عليهم حتى لا يدركوا معهم شيئا، ويضمن لهم، ويعوضهم من ماله كل زيادة تبذل لهم. بل لقد كان المشركون يتهددون كل من يبيع المسلمين شيئا بنهب أمواله، ويحذرون كل قادم إلى مكة من التعامل معهم.
والخلاصة: أن قريشا قد قطعت عنهم الأسواق، فلا يتركون لهم طعاما يقدم مكة، ولا بيعا إلا بادروهم إليه، يريدون بذلك أن يدركوا سفك دم رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " (1).
وقد استمرت هذه المحنة سنتين أو ثلاثا. وكان علي أمير المؤمنين " عليه السلام " اثناءها يأتيهم بالطعام سرا من مكة، من حيث يمكن، ولو أنهم ظفروا به لم يبقوا عليه، كما يقول الإسكافي وغيره (2).
وكان أبو طالب رضوان الله تعالى عليه كثيرا ما يخاف على النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " البيات؟ فإذا أخذ الناس مضاجعهم، اضطجع النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " على فراشه، حتى يرى ذلك جميع من في شعب أبي طالب، فإذا نام الناس جاء واقامه، وأضجع ابنه عليا مكانه (3).