الاسلام وأهدافه. ولتحصل لهم من ثم القناعات الوجدانية والفكرية بأحقية الاسلام، وسمو أهدافه.
كما أن من هؤلاء من يرى: أن هذا الدين قد حرمه من المال والثروة والامتيازات التي يحبها، فلماذا لا يدبر في الخفاء ما يزيح هذا الكابوس الخانق، والمضر بمصالحه؟ فإذا أعطي المال، وأفهم أن الاسلام ليس عدوا للمال: " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده، والطيبات من الرزق " (1) فإنه يمكن اقناعه حينئذ بان هدف الاسلام ليس إلا التركيز على انسانية الانسان، واعتبارها المقياس الحقيقي له، لا المال، ولا القوة ولا الجمال، ولا الجاه، ولا غير ذلك. وأنه يهدف إلى تنظيم حياة هذا الانسان في هذا الخط، ليكون سعيدا في الدنيا والآخرة على حد سواء.
واما أموال خديجة؟ فلم تكن تعطى كرشوة على الاسلام، ولا كانت تنفق على المؤلفة قلوبهم. وانما كانت تسد رمق ذلك المسلم، الذي يعاني أعظم المشاق والآلام، في سبيل اسلامه وعقيدته، هذا المسلم الذي لم تتورع قريش عن محاربته بكل ما تملكه من أسلحة لا انسانية ولا أخلاقية، حتى بالفقر والجوع، فكانت تلك الأموال تسد رمق من يتعرض للأخطار الكبيرة، وتخدم الاسلام عن هذا الطريق. وهذا معنى قولهم: ان الاسلام قام بأموال خديجة.
وملاحظة لا بد منها، وهي ان أموال خديجة التي أنفقت في المقاطعة، كانت في غالبها من النوع الذي يمكن الانتفاع به في سد رمق الجائع. وكسوة العاري، واما ما سواه؟ فلربما لم يتعرض لذلك؟ بسبب عدم القدرة على البيع والشراء في غالب الأحيان.