وقد وقع على هذه الصحيفة أربعون رجلا من وجوه قريش، وختموها بخواتيمهم، وعلقت الوثيقة في الكعبة مدة (ويقال: إنهم خافوا عليها السرقة؟ فنقلوها إلى بيت أم أبي جهل) (1).
وكان ذلك في سنة سبع من البعثة على أشهر الروايات. وقيل ست.
وأمر أبو طالب بني هاشم أن يدخلوا برسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " الشعب - الذي عرف بشعب أبي طالب - ومعهم بنو المطلب بن عبد مناف، باستثناء أبي لهب لعنه الله وأخزاه (2). واستمروا فيه إلى السنة العاشرة.
ووضعت قريش عليهم الرقباء حتى لا يأتيهم أحد بالطعام.
وكانوا ينفقون من أموال خديجة، وأبي طالب، حتى نفدت، حتى اضطروا إلى أن يقتاتوا بورق الشجر. وكان صبيتهم يتضاغون جوعا، ويسمعهم المشركون من وراء الشعب، ويتذاكرون ذلك فيما بينهم، فبعضهم يفرح، وبعضهم يتذمم من ذلك. ويقولون: إنه ربما وجد فيهم من يتعاطف مع المسلمين، وكان هذا يصدر غالبا ممن يتصل بهم نسبا، كابي العاص بن الربيع، وحكيم بن حزام وان كنا نحن نشك في ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ولم يكونوا يجسرون على الخروج من شعب أبي طالب إلا في موسم العمرة في رجب، وموسم الحج في ذي الحجة، فكانوا يشترون حينئذ ويبيعون ضمن ظروف صعبة جدا، حيث إن المشركين كانوا يلتقون