فرجع، ورجع معه ابن الدغنة، فطاف عشية في أشراف قريش، وأعلمهم بأنه أجاره، فأجازوا جواره بشرط: أن يعبد ربه في داره، ولا يستعلن.
ولكن أبا بكر ابتنى بعد مدة، مسجدا في بني جمح، بجوار داره يصلي فيه، ويقرأ القرآن، وجعل نساء المشركين، وأبناؤهم يجتمعون لسماع قراءته، حتى يسقط بعضهم على بعض. وكان له صوت رقيق، ووجه عتيق أي جميل. فراجع المشركون ابن الدغنة في ذلك، فاتاه فطالبه، فرد عليه أبو بكر جواره (1).
ونحن نشك في ذلك، إذ مع غض النظر عن:
1 - أن إخراج قوم أبي بكر له لا يعني أنه قد هاجر مختارا مع أن ظاهر الكلام هو ذلك.
2 - ومع غض النظر عن أن هذا الحديث مروي عن عائشة فقط - وهو عجيب!! - فهم يدعون:
أنها كانت حينئذ صغيرة السن جدا لا يمكن ان تعي كل تلك الأمور والخصوصيات، وإن كنا نعتقد: أن عمرها كان أكثر مما يقولونه بكثير، كما سنشير إليه.
3 - أضف إلى ذلك: أنها لم توضح لنا عمن روت ذلك.
ودعوى البعض: أن إرسال الصحابي لا يضر، لأنه يروي عن صحابي مثله؟ وهم عدول كلهم.