الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص) - السيد جعفر مرتضى - ج ٣ - الصفحة ١١٤
الصحيح من سيرة الني الأعظم (ص) / ج 3 كما أنهم قد طلبوا منه أن يسمح لهم بالزنا، وشرب الخمر، والربا، وترك الصلاة (1). نعم فرفض ذلك، ولم يأخذ بنظر الاعتبار أن هذه قبيلة تريد أن تسلم، فيتقوى بها الاسلام، ويضعف بذلك جانب أعدائه ومناوئيه.
وهي في خلال هذه السنة تكون قد تعرفت على الاسلام وتدربت عليه. نعم، لقد رفض السماح لها بعبادة صنمها، الذي عبدته عشرات الأعوام، ولو لمدة سنة واحدة أيضا. بل هو يرفضه ولو كان لساعة واحدة، لأنه لا يريد أن يستفيد من أية وسيلة من أجل الوصول إلى أهدافه، لأنه يعتبر الوسيلة جزءا من الهدف، ومنه تستمد قدسيتها، كما سبق.
ولكنه في مقابل ذلك: لو أساء إليه أحد الناس مثلا؟ فإنه على استعداد لان يعفو عنه، ولكن شرط: أن يعرف المعفو عنه أنه قد أذنب، وأن هذا عفو عنه، أما إذا فهم من ذلك مشروعية الامر الذي ارتكبه، فإن ذلك العفو يكون مرفوضا جملة وتفصيلا.
وخلاصة الامر (2): إنه إذا كان المسلم ضيفا، فإنه لا مبرر لان يدخل في صراع عنيف مع الآخرين، ينتهي بالقضاء عليه، أو عليه وعلى عقيدته؟ لان المبدأ لا يستفيد من صراع كهذا، بل ربما يلحق به الضرر. وكذا إذا كان الحفاظ على الحق يحتاج إلى غطاء واق من

(١) السير النبوية لدحلان (مطبوع بهامش الحلبية): ج ٣ ص ١١، والمواهب اللدنية:
ج ا ص ٢٣٦، وتاريخ الخميس: ج ٢ مر ٣٥ ١ و ٣٦ ١ و ٣٧ ١. وراجع بالنسبة لترك الصلاة المصادر التالية: الكامل في التاريخ: ج ٢ ص ٢٨٤، وكذا في السيرة النبوية لابن هشام: ج ٤ ص ١٨٥، والسيرة النبوية لابن كثير: ج ٤ ص ٥٦، والبداية والنهاية: ج ٥ ص ٣٠.
(2) هذه الخلاصة مقتبسة من كلمات للعلامة الجليل السيد محمد حسين فضل الله في:
مفاهيم اسلامية عامة الحلقة 8 ص 127.
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 117 119 120 121 ... » »»
الفهرست