وربما يوهم هذا المعنى تفسير الاستدامة في الغنية والسرائر بأن يكون المكلف ذاكرا لها غير فاعل لنية تخالفها (1)، لكنه بظاهره خلاف الإجماع، فينبغي أن يجعل قوله: " غير فاعل " تفسيرا للذاكر كما قيل (2)، أو يجعل قوله: " ذاكرا " حالا لا خبرا، فمعنى الاستدامة: أن يكون الشخص في حال التذكر للنية السابقة والالتفات إليها غير فاعل لنية تخالفها، فافهم، ولذا لم يجعل أحد هذا التفسير تفسيرا ثالثا لتفسيري المشهور والشهيد مع دعوى القائل به الإجماع عليه.
ومما ذكرنا يظهر اتحاد التفسيرين المحكيين في قواعد الشهيد قدس سره، فإنه بعد بيان الاكتفاء بالاستمرار الحكمي قال: وفسر بتجديد العزم كلما ذكر، ومنهم من فسره بعدم الإتيان بالمنافي، وقد فسرناه في رسالة الحج (3)، انتهى.
وليس في كلام الشهيد إلا تعدد العبارة في التفسير، ولا دلالة فيه على اختلاف بينهما في المعنى، فإن الكل متفقون على وجوب تجدد العزم إذا ذكر، إذ لو لم يتجدد العزم عند التذكر وقع ذلك الجزء لا محالة بنية مخالفة لنية الوضوء، لأن وقوع الحركة الاختيارية لا بنية ممتنعة، ونية الوضوء مفروض العدم.
وكيف كان، فتجدد العزم عند الذكر لا بد منه مع فرض عدم نية الخلاف، وأما اختصاص وجوبه بصورة التذكر فلأن وجوبه مطلقا يستلزم