والعزم على مقتضاها (1)، فهو وإن جعله الشهيد والمحقق الثانيان مقابلا للمشهور إلا أن مراده عند التأمل: أن الواجب على المكلف هو البقاء والعزم، وإنما يصير المكلف موردا لتكليفه بهما ووجوبهما عليه إذا توجه ذهنه إلى الفعل، فمعناه: أنه يجب على المكلف إذا ذكر الفعل في أثناء الاشتغال به أن يبقى على حكم النية الأولى ويعزم على مقتضاها، وقد عرفت أن هذا لا ينفك عن عدم نية الخلاف الذي هو تفسير المشهور ووجوب عدم نية الخلاف لا ينفك عن وجوب العزم والمضي على النية الأولى بعد بداهة عدم إمكان صدور الحركة الاختيارية بدون إرادة.
ولأجل ما ذكرنا نسب الفاضل المقداد - الذي هو أحد تلامذة الشهيد، ولا يخفى عليه موارد مخالفته للأصحاب - تفسير الشيخ للاستدامة إلى الفقهاء (2) مشعرا باتفاقهم عليه، وإنما دعا الشهيد إلى تفسيرها بذلك لأن عدم نية الخلاف أمر عدمي لا ينبغي أن يفسر به الاستدامة ولا أن يجعل في حيز الوجوب، وهو كذلك، فإن تفسير الشيخ ومن تبعه عند التأمل لا يخلو عن مسامحة من هذه الجهة، فإن استدامة النية نظير إحداثها أمر وجودي واقع في حيز الوجوب عند التفات المكلف إلى الفعل وخطوره في ذهنه، لكن وجوب إحداثها مطلق بالنسبة إلى الإخطار، فيجب إخطار الفعل بمشخصاته لأجل إرادة (3) المقارنة، ووجوب استدامتها مشروط بخطور الفعل في ذهن المكلف وتذكره له، إذ لو وجب الإخطار مقدمة لها يرجع إلى الاستدامة الفعلية.