وكذا يأتي في بحث الوكالة جواز بيع الوكيل وشرائه.
وليس كلامنا في هذا المقام في شئ من ذلك، وإنما الكلام في أنه هل يجوز لهؤلاء تولي طرفي المبايعة؟ وذلك يكون على وجهين:
أحدهما: أن يتولى كل منهم طرفي العقد - أي الايجاب والقبول - بأن يكون موجبا وقابلا معا، كأن يتوكل الوكيل عن البائع والمشتري، أو عن أحدهما مع كونه الآخر بنفسه، ويتوكل الولي في المبايعة لمن له عليه الولاية عن الطرف الآخر، أو كان نفسه هو الآخر.
وثانيهما: أن يبيع كل منهم عن نفسه أو يشتري له، أي يبيع مال نفسه بالمولى عليه أو الموكل الذي وكله في شراء ذلك، أو اشترى نفسه مال المولى عليه أو مال الموكل الذي وكله في بيعه.
أما الأول، فالحق فيه الجواز، ولعله الأشهر، لصدق البيع والشراء عرفا، إذ ليس البيع إلا نقل الملك إلى آخر، وهو صادق في المورد، لتغاير الناقل والمنتقل إليه حقيقة وإن كان الموجب والقابل منهما واحدا، فيكون جائزا ولازما بالعمومات، ولا دليل على اشتراط المغايرة بين موجد النقل وموجد قبوله.
وما قد يتشبث به لاعتبار التعدد هو أصالة عدم الانتقال.
وأن الايجاب نقل الملك عن الموجب، والقبول نقله إليه، فيجتمع الضدان.
وفي الأول: أن العمومات مخرجة عن الأصل.
وفي الثاني: أن الايجاب لنقل الملك عن المالك دون الموجب، كما أن القبول للانتقال إلى مالك الثمن - أي المشتري - دون القابل.
وأما الثاني، فيأتي الكلام فيه في مباحث الحجر والوكالة والوصاية.