وأما دلالتها على الرجوع في التالف من المشتري وفي عوض المنافع المستوفاة وغيرها فقوله عليه السلام: (وكل محدث إلى ما كان أو رد القيمة) يستفاد منه وجوب رد كل ما يحدث عند المشتري مع إمكانه، ورد قيمته إن كانت له قيمة مع عدمه، سواء كان الحدوث من المشتري أم لا.
ولا شك أن تلف العين والنماء وإن لم يكن بفعل المشتري أمر محدث فيجب رد قيمته، وكذلك استيفاء المنافع، بل إثبات المشتري يده على العين إثبات ليده على منافعه مطلقا وتصرف فيه، وهذا أيضا أمر محدث فيجب رد قيمته.
مثلا: إذا تصرف المشتري في دار زيد وأثبت يده عليه في شهر فهو تصرف في حق السكنى فيها في ذلك الشهر وإن لم يسكن فيه، وهذا أمر محدث، ولما لم يمكن رد ذلك - أي رفع التصرف في هذا الشهر المخصوص - فتجب قيمته، وهي أجرة المثل.
وترك الاستفصال في الرواية يدل على ثبوت الحكم في صورة علم المشتري وجهله، بل الظاهر من قوله: (إما للزارع) إلى آخره، وقوله:
(كذلك يجب على صاحب الأرض) أن المشتري كان جاهلا.
وتدل على جميع تلك الأحكام أيضا - في صورة علم المشتري بأنه مال الغير - صحيحة أبي ولا د الطويلة، حيث سأل الراوي: أنه اكترى بغلة من الكوفة إلى قصر بني هبيرة بمبلغ في طلب غريم، فلما خرج أخبر أن الغريم ذهب إلى النيل، فلما ذهب إليه أخبر بتوجهه إلى بغداد، فتوجه إليه وظفر به ورجع، فأراد إرضاء المالك بالتواضع والتبذل فلم يرض، وحكم بعض قضاة العامية بأنه لا حق له، فأجاب الإمام عليه السلام بأن عليه مثل كري البغل ذاهبا وجائيا، قال: قلت: جعلت فداك، فقد علفته بدراهم فلي عليه