إطاعة أمر المولى، فما ذكره يبتني على أمرين: أحدهما: حكم العقل بوجوب إطاعة امر المولى المعلوم تفصيلا. والاخر: تبعية سقوط الامر لحصول الغرض لأنه عليه ثبوته. فمع الشك في حصول الغرض يشك في حصول الإطاعة فيحكم العقل بلزوم الاحتياط تحصيلا للإطاعة لا من باب لزوم تحصيل الغرض.
وبالجملة: حكم العقل بالاحتياط هنا بعين الملاك الذي قربنا حكمه فيما تقدم بتحصيل غرض المولى.
ولا يخفى انه لو التزم بالبراءة العقلية في مسألة الأقل والأكثر بدعوى انحلال العلم الاجمالي، فلا يلتزم بها هنا للعلم التفصيلي بالمكلف به وعدم الشك في اخذ قصد القربة في متعلق الامر، وانما الشك في الأقل والأكثر بلحاظ مقام امتثال التكليف المعلوم المبين لا في متعلق التكليف كي يكون مجرى البراءة العقلية مع عدم البيان، كما أنه لا تجري البراءة الشرعية، لان موضوعها ما يكون قابلا للوضع والجعل شرعا دون ما لا يقبل ذلك كقصد القربة.
وبهذا البيان الظاهر من عبارة الكفاية يظهر انه لو التزم بعدم امكان اخذ قصد القربة في متعلق التكليف، فالأصل العملي هو الاشتغال بلا كلام للزوم العلم بالامتثال.
واما لو التزمنا بامكان اخذ قصد القربة في متعلق التكليف، فيكون كسائر الأجزاء والشرائط المشكوكة مجرى لأصالة البراءة فينفي اخذها في المتعلق بالبراءة كما هو الحال في سائر موارد الأقل والأكثر على ما يأتي تحقيقه في محله انشاء الله تعالى.
فخلاصة الكلام في الأصل العملي: انه إذا التزمنا بعدم امكان اخذ قصد التقرب في متعلق الامر كان الأصل هو الاشتغال كما عليه صاحب الكفاية، وإذا التزمنا بامكان اخذه في متعلق التكليف كان الأصل هو البراءة. فالأصل يختلف باختلاف المبنيين فتدبر.