بالاحتياط عقلا يبتني على امتناع الامر.
ولتوضيح ذلك لا بأس بالإشارة إلى بعض ملاكات حكم العقل في باب الإطاعة مما يرتبط بما نحن فيه، فنقول: ان العقل..
تارة: يحكم بلزوم الاتيان بالفعل من باب لزوم تحصيل غرض المولى الملزم، مع عدم الامر أصلا، كما إذا رأى العبد ابن مولاه في حالة الغرق ولم يكن يعلم سيده بذلك، فإنه ملزم عقلا بانقاذه ولا حجة له في عدم انقاذه ولا يصح اعتذاره بعدم امره له.
وأخرى: يحكم بلزوم الاتيان بالفعل من باب الاحتياط وتحصيل العلم بالامتثال وموافقة الامر كما في موارد العلم الاجمالي.
وثالثة: يحكم بلزوم الاتيان بالفعل من باب وجوب إطاعة امر المولى لتوقف حصول الامتثال وسقوط الامر عليه.
ومن الواضح ان الملاك لحكمه في جميع الصور الثلاث هو وجوب الإطاعة، ولكنها تختلف موضوعا وأثرا كما سيتضح.
ولا يخفى ان مراد صاحب الكفاية من حكم العقل عند عدم سقوط امر المولى بمجرد الفعل بلزوم الاتيان بالفعل بقصد القربة ليس الصورة الأولى والثانية، بل الثالثة، وذلك لان حكم العقل بلزوم تحصيل غرض المولى انما يلتزم به عقلائيا في المورد الذي لا يتمكن المولى من الامر كالمثال الذي سقناه. اما لو كان المولى متمكنا من الامر ولم يأمر عبده. فلا يرى العقل ان العبد ملزم بالاتيان بالفعل، كما لو رأى السيد ابنه يغرق وكان العبد بمنظر منهما ولم يأمر السيد عبده بانقاذ ولده، فإنه لا يحق للسيد مؤاخذة العبد على عدم إنقاذه لولده، إذ للعبد ان يحتج بعدم الامر. وعليه فلا يمكن أن يكون نظر صاحب الكفاية إلى هذا المعنى، إذ للمدعي ان ينكر حكم العقل بلزوم تحصيل غرض المولى بدون الامر لتمكنه في نفسه مع غض النظر عن حكم العقل