الامر لا يجب عليه الاتيان بقصد المحبوبية وإذا لم يأت بدعي الامر وجب عليه الاتيان بقصد المحبوبية، لكن الامر لم يتعلق بداعي الامر ولم يدع إليه لأنه مأخوذ في موضوعه لا في متعلقه، فيكون حاله حال السفر في قولك: (إن لم تسافر فتصدق بدرهم) بالنسبة إلى عدم تعلق الامر بالسفر وعدم دعوته إليه، ولكن المكلف نتيجة يرى نفسه مخيرا بين السفر وبين التصدق. نعم قد يدعى بثبوت محذور الدور وهو لزوم اخذ ما لا يتأتى إلا من قبل الامر في موضوعه. ولكنك عرفت الاشكال فيه بكفاية تصور الامر وتسليم صاحب الكفاية بالاشكال وتركز المحذور في كلامه في لزوم داعوية الامر لداعوية نفسه، وهو غير متحقق في الفرض لفرض عدم تعلق الامر بقصد الامر.
وثانيا: لو تنزلنا وسلمنا ورود محذور الدور في المقام، فهو لا ينافي التخيير أيضا، وذلك لأنه إذا فرض ان قصد الامر لا يمكن اخذه في متعلق الامر ولا موضوعه كان الحكم بالنسبة إليه مهملا في مقام الثبوت لا مطلقا ولا مقيدا. وعليه فإذا حكم الشارع بوجوب الفعل بقصد المحبوبية بلا تعليق له على عدم الاتيان بقصد الامر لعدم تمكنه كان اعتبار القيد المذكور - أعني قصد المحبوبية بالنسبة إلى تعليقه على عدم الاتيان بقصد الامر وعدم تعليقه عليه - مهملا غير مطلق، فيرجع إلى حكم العقل في المقام. ومن الواضح ان العقل يرى كفاية قصد الامر في تحقيق الامتثال، فينتفي موضوع قصد المحبوبية معه لسقوط الامر، فيكون المكلف مخيرا عقلا بين قصد الامر وقصد المحبوبية، فلا مانع من أخذ قصد المحبوبية في متعلق الامر وتكون النتيجة هي التخيير بينه وبين قصد الامر لا تعينه كي يقال بكفاية غيره. ولا محذور في ذلك.
وقد جاء في تعليقة المحقق الأصفهاني (قدس سره) على الكفاية ما حاصله: ان التسالم على الاكتفاء بالاتيان بالفعل بداعي أمره كاشف عن تعلق الامر بذات الفعل لا به مع قصد المحبوبية ونحوه من الدواعي، لان تعلق الامر