واما عن الثاني: فبان المحمول ليس هو الموضوع على اطلاقه كي يكون الحمل ضروريا، بل المحمول هو الموضوع المقيد بالضحك، وحيث إن ثبوت القيد غير ضروري فلا يكون حمل المقيد ضروريا (1).
واستشكل صاحب الكفاية في الجواب الأول: بأنه من الواضح ان المنطقيين جعلوا الناطق فصلا بما له من المعنى لغة وعرفا بلا نقله من معنى آخر.
واستشكل في الجواب الثاني: بان المحمول وان كان مقيدا، الا انه لا يخلو الامر من أحد حالين، اما أن يكون المحمول هو ذات المفيد بلا دخل للقيد والتقييد أصلا، بل لوحظ التقييد مرآتا وعنوانا للذات. واما أن يكون المحمول هو المقيد، بما أنه مقيد، بحيث تكون جهة التقيد والقيد دخيلة في المحمول وليست معرفة فقط. فعلى الأول يكون الحمل ضروريا لحمل الشئ على نفسه.
وعلى الثاني تنحل القضية إلى قضيتين، أحدهما: (الانسان انسان). والأخرى:
(الانسان له النطق). والقضية الأولى ضرورية، وجهة الانحلال: ما تقرر من أن الوصف قبل العلم به خبر في الحقيقة، فقولنا: (زيد شاعر ماهر) يشتمل على خبرين حقيقة الاخبار بالشعر وبالمهارة فيه، وإن لم تؤخذ المهارة بنحو الخبر بل بنحو الوصف، فالقيد وان اخذ وصفا لكنه في الحقيقة اخبار، فينحل المحمول إلى خبرين (2). وللانحلال تقريب آخر ليس محل ذكره هاهنا.
ثم إن صاحب الفصول نفسه تنظر في الجواب الثاني: بان المحمول وان كان مقيدا، لكن الذات المقيدة به اما ان تكون مقيدة به واقعا أو لا. فعلى الأول يصدق الايجاب بالضرورة. وعلى الثاني يصدق السلب بالضرورة. فالانقلاب لازم لا محالة.
.