والثالث: الامتناع من جهة التزاحم، لعدم القدرة على امتثال كلا التكليفين لا في نفسه، بدعوى: كفاية تعدد العنوان لتصحيح تعلق الأمر والنهي بذي العنوانين. وهي على القولين الأخيرين وإن لم تنته إلى رفع التردد في مقام العمل، بل تحقق موضوع المسألتين، لكنها بالقول الأول مما يترتب عليها هذا الأثر لاثباتها صحة العمل الرافع للتردد. ويكفي هذا في أصولية المسألة، إذ لا يعتبر انها تكون مما يترتب عليها الأثر الأصولي بجميع محتملاتها، بل يكفي فيها ان يترتب عليها الأثر الأصولي ولو بلحاظ بعض محتملاتها.
ومن هنا يظهر عدم الموجب للالتزام بخروجها من مسائل الأصول وكونها من المبادي التصديقية للمسألة الأصولية - كما عليه المحقق النائيني (1) - ، فإنه اغماض عن وجود المذهب الأول في المسألة الموجب لكونها من الأصول.
فتدبر.
إلى هنا يتحصل لدينا ان المسألة الأصولية هي المسألة النظرية التي يتوصل بها إلى رفع التحير في مقام العمل بلا واسطة نظرية، سواء كان جريانها في الشبهات الحكمية والشبهات الموضوعية.
ومنه يتضح الفرق بينه وبين الضابط المذكور في الكفاية (2)، فإنه يخصص المسألة الأصولية بما يجري في الشبهات الحكمية، كما هو مقتضى قيد كون الانتهاء في مقام العمل بعد الفحص والياس عن الظفر بالدليل، إذ جريان الأصول في الشبهات الموضوعية لا يشترط فيه الفحص واليأس عن الدليل، فمقتضى القيد اخراج الأصول والامارات في الشبهات الموضوعية عن مسائل علم الأصول. وهذه هي الجهة الفارقة بين ما ذكرناه من الضابط وما ذكره .