وتحقيق الحال في هذه القواعد على المسلك الذي قربناه:
أما قاعدة (ما لا يضمن) ونحوها، فهي انما تنظر إلى نفس المحتمل وهو الضمان وعدمه، ومدلولها نفس الحكم لا رفع الحيرة والتردد.
واما قاعدة نفي الضرر أو العسر، فهي تارة تجري في الحكم الكلي الفرعي كنفي وجوب الوضوء الضرري أو الحرجي. وأخرى تجري في الحكم الأصولي كجريانها في نفي وجوب الفحص عن المعارض إذا كان مستلزما للضرر أو العسر، المساوق لاثبات حجية الخبر الفعلية، فان وجوب الفحص من المسائل الأصولية. وكجريانها في نفي وجوب الاحتياط عند انسداد باب العلم لاستلزامه الضرر أو الحرج.
وعليه، فهي بلحاظ جريانها في الحكم الفرعي تكون من المسائل الفقهية، وبلحاظ جريانها في الحكم الأصولي تكون من المسائل الأصولية. ولا مانع من أن تكون مسألة واحدة من مسائل علمين، إذ كان فيها ملاكا العلمين - كما يقال في مسألة الاستصحاب من أنها أصولية بلحاظ الاستصحاب في الشبهات الحكمية، وفقهية بلحاظه في الشبهات الموضوعية -.
وأما قاعدة الطهارة فالتخلص عن النقض بها - لثبوت الملاك المزبور فيها لكون المجعول فيها حكما ظاهريا في مقام التردد والشك بلا نظر إلى نفس الواقع المحتمل - بما أشار إليه صاحب الكفاية من أن المسألة الأصولية يعتبر فيها ان تكون سارية في جميع أبواب الفقه أو جلها فلا يختص باجرائها بباب دون آخر ولا كذلك أصالة الطهارة لاختصاصها بمشكوك الطهارة فلا تجري في أبواب المعاملات ولا أبواب الفقه الأخرى كما لا يخفى (1). ان انه يعتبر في أصولية المسألة أن تكون نظرية ومحور النزاع ومحل الكلام، لا واضحة كل الوضوح .