المتكلم في مقام الاخبار، فلوجهين:
الأول: تخلفه في بعض الصيغ الخبرية غير المستعملة في قصد الحكاية عن مدلولها، كجملة: (أن زيدا قائم) في قول القائل: (سمعت أن زيدا قائم)، فان مجموع الجملة اخبار عن السماع بقيام زيد الا ان جملة (ان زيدا قائم) غير مقصود بها الحكاية عن ثبوت النسبة بين: (زيد) و (قائم)، بل هي دالة على ثبوت النسبة فقط، وهي بهذا اللحاظ كانت متعلقا للسماع، وبهذا الاعتبار صح الاخبار عن السماع بها. لان متعلق السماع هو النسبة والمقصود الحكاية عن السماع بها، فلو لم تكن دالة على النسبة لم يتم الكلام، إذ ليس ما يدل على النسبة غيرها، وكقوله (أخبرني بكر بان عمرا قائم)، وهو يعلم يكونه زيدا، فإنه ليس بصدد الاخبار عن قيام عمرو، مع أن جملة (ان عمرا قائم) مستعملة في معناها قطعا.
وكالاستعمالات الكنائية، فان المقصود الحكاية عن اللازم دون الملزوم مع دلالة الجملة على الملزوم فلو لم تدل على الملزوم وهو ثبوت النسبة الملزومة لنسبة أخرى المقصود الحكاية عنها لما صحت الكناية.
والحاصل: ان من الجمل ما لا يستعمل في قصد الحكاية، بل لا يدل الا على النسبة، فمقتضى الالتزام المذكور عدم كونها من الجمل الخبرية مع أنها كذلك بلا كلام وتوقف.
يضاف إلى ذلك، أولا: ان نتيجة الوضع لمعنى هو حكاية اللفظ عنه وتفهيمه به وابرازه به ودلالته عليه، فلو كان الموضوع له الجملة الخبرية هو قصد الاخبار كان مدلولها ذلك بحيث يكون المحكي بها هو قصد الحكاية، وذلك مخالف لما عليه الوجدان والعرف، فان العرف يرى ان مدلول الجملة الخبرية هو ثبوت النسبة لا قصد الاخبار عنها، فيرى أن المتكلم حكى عن ثبوت النسبة لا انه حكى قصد الحكاية عن ثبوت النسبة، بل هذا المدعى يمكن ان يستفاد