أما الكلام في المقام الأول، فهل يمكن التعويل على الأصل العملي عند الشك في تعيين المعنى الموضوع له وأنه المعنى الوسيع أو الضيق بعد فرض عدم تمامية الأدلة على تعيين الوضع لأحدهما؟
والجواب: أنه لا يمكن، وذلك لأن وضع المشتق لكل من المعنى الأعم والأخص وإن كان مسبوقا بالعدم، إلا أن استصحاب عدم وضعه للأعم معارض باستصحاب عدم وضعه للأخص، فيسقطان معا. هذا إضافة إلى أنه لا يجري في نفسه، لأن استصحاب عدم وضعه للأعم لا يثبت الوضع للأخص وبالعكس إلا على القول بالأصل المثبت.
ودعوى أن الوضع للمتلبس خاصة بحاجة إلى عناية زائدة دون الوضع للأعم، وهي لحاظ خصوصية التلبس زائدة على لحاظ المعنى الأعم، وعليه فلحاظ المعنى الأعم في مقام الوضع متيقن إما مستقلا أو في ضمن الأخص، والشك إنما هو في لحاظ خصوصية زائدة، وحينئذ فلا مانع من التمسك باستصحاب عدم أخذ تلك الخصوصية قيدا في مقام الوضع، وبذلك يثبت الوضع للأعم بناء على ما هو الصحيح من أن التقابل بين الاطلاق والتقييد من تقابل الايجاب والسلب، وإن شئت قلت: إن وضع المشتق للمعنى معلوم، والشك إنما هو في الاطلاق والتقييد، وباستصحاب عدم التقييد يثبت الاطلاق وينفي المقيد، خاطئة جدا، لأن الشك في المقام إنما هو في أن الواضع في مقام الوضع، هل لاحظ المعنى الأعم في عالم المفهوم ووضع اللفظ بإزائه أو المعنى الأخص ووضع اللفظ بإزائه، ومن الطبيعي أن لحاظ كل واحد منهما في عالم المفهوم مباين للحاظ الآخر فيه، بداهة أن المفاهيم في حد مفهوميتها اللحاظية متباينات، فلا يعقل فيها الاطلاق والتقييد، فإن ذلك إنما يعقل بلحاظ الصدق في