وعلى الجملة فحيث إن المأخوذ في مفهوم المشتق شئ مبهم ومعرى عن كل خصوصية من الخصوصيات العرضية ما عدا قيام المبدأ به، ولا تعين له إلا بالانطباق على ذوات خاصة معينة في الخارج كزيد وعمرو ونحوهما، فلا يلزم التكرار في مثل (زيد عادل) و (بكر عالم) و (الانسان ضاحك) وغير ذلك، لوضوح أنه لا فرق بين جملة (زيد عادل) وجملة (زيد شئ له العدالة)، فكما لا تكرار في الجملة الأولى فكذلك في الثانية.
فالنتيجة أن هذا الوجه كالوجوه السابقة فلا يدل على عدم إمكان أخذ الذات في مفهوم المشتق.
الوجه السادس: ما أفاده صاحب الفصول قدس سره من أن الذات لو كانت مأخوذة في مفهوم المشتق لزم انقلاب القضية الممكنة إلى قضية ضرورية، مثلا قضية (الانسان كاتب) قضية ممكنة في نفسها، فلو كان مفهوم الذات مأخوذا في مدلول المشتق لزم الانقلاب المذكور، باعتبار أن صدق مفهوم الذات على جميع الأشياء والذوات الخاصة ضرورية (1).
والجواب: أن المحمول في القضية تارة يكون طبيعي الشئ بنحو اللا بشرط، وأخرى يكون مقيدا بقيد خاص، وذلك القيد لا يخلو من أن يكون مباينا للموضوع في القضية أو مساويا له أو عاما أو خاصا، فإن كان المحمول ملحوظا على النحو الأول، فثبوته للموضوع وإن كان ضروريا إلا أن محمول القضية في المقام ليس كذلك، لأنه على القول بالتركيب الشئ المقيد بنحو بشرط الشئ لا المطلق بنحو لا بشرط، مثلا المحمول في مثل قضية (الانسان كاتب) هو الشئ المقيد بالكتابة لا المطلق، وعلى هذا فكون القضية ضرورية أو ممكنة