الرابع: أن لازم ذلك عدم صحة إطلاق الصفات العليا الذاتية على ذاته تعالى ولا يعقل تلبيها بها، باعتبار أن المبدأ فيها عين الذات وجودا وعينا، ولا مغايرة بينهما خارجا، فلذلك التزم قدس سره بالنقل والتجوز فيها، وهو لا يرجع إلى معنى محصل، فإنه إن أراد قدس سره نقل مبادئ هذه الصفات من المعنى المعهود منها إلى معنى ضده، ففيه أنه لا يمكن، بداهة أنه لا يصلح إطلاق ضد العلم عليه تعالى أو ضد القدرة، وإن أراد بذلك معنى زائد على ذاته تعالى كعلم زيد وقدرته، ففيه أنه لا يمكن أن يراد من صفاته العليا الذاتية معنى زائد، وإلا لزم أن يكون عروضها على ذاته تعالى وتلبسها بها بحاجة إلى علة، وهو كما ترى، أو فقل إنها لو كانت زائدة على ذاته تعالى، فلا تخلو من أن تكون قديمة أو حديثة، فعلى الأول لزم تعدد القدماء، وعلى الثاني فمضافا إلى أن عروضها على ذاته يكون بحاجة إلى علة يلزم كون ذاته محلا للحوادث والعوارض، وكلاهما مستحيل كما حقق في محله، وإن أراد قدس سره معنى آخر لا هذا ولا ذاك، فهو - مضافا إلى أنه مجهول - مقطوع البطلان، ضرورة أن إطلاق العالم عليه تعالى إنما هو بمعناه المعهود، وكذا سائر صفاته تعالى لا مجرد لقلقة اللسان.
فالنتيجة أن هذا القول لا يرجع إلى معنى محصل.
وأما القول الثاني وهو تلبس الذات بالمبدأ لا يقتضي أكثر من التغاير بينهما مفهوما، فقد أختاره المحقق الخراساني قدس سره والمحقق النائيني قدس سره، بتقريب أنه يكفي في صدق تلبس الذات بالمبدأ كون المبدأ مغايرا لها مفهوما وإن كان عينها خارجا، كما في الصفات العليا لذاته تعالى، فإن المبدأ فيها عين ذاته سبحانه خارجا ولكنه مغاير لها مفهوما، لأن مفهوم المبدأ كالعلم أو القدرة مغاير لمفهوم ذاته تعالى، وتكفي المغايرة المفهومية في صحة الحمل والجري، ولا يلزم معها