خاصة النسبة بدون خصوصية زائدة عليها، والخصوصية إنما جاءت من قبل مادتها، فإنها مختلفة وينسجم بعضها مع خصوصية الصدورية كالضرب مثلا، وبعضها الآخر مع خصوصية الحلولية كالموت ونحوه.
والخلاصة: أن المادة إذا كانت من قبيل الضرب ونحوه، فهي تتضمن كون نسبتها إلى الفاعل صدورية، وإذا كانت من قبيل الموت ونحوه، فتتضمن كون نسبتها إليه حلولية، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، إن لجملة (ضرب زيد) مثلا هيئتين: الأولى هيئة الفعل، والثانية هيئة الجملة، وهذا مما لا كلام فيه، وإنما الكلام في أن هيئة الفعل هل وضعت للنسبة التامة، وهيئة الجملة لتعيين طرفها وهو الذات، أو إنها وضعت للنسبة الناقصة، وهيئة الجملة للنسبة التامة، فيه قولان.
الصحيح هو القول الأول دون الثاني، فلنا دعويان:
الأولى: أن هيئة الفعل موضوعة للنسبة بين المادة والذات المبهمة، وهيئة الجملة موضوعة لتعيين أحد طرفيها، وهو الذات المبهمة في فرد معين في الخارج، ولم توضع للنسبة الأخرى.
الثانية: أن هيئة الفعل لم توضع للنسبة الناقصة وهيئة الجملة للنسبة التامة.
أما الدعوى الأولى فقد عرفت أن المتفاهم العرفي من هيئة الفعل عند إطلاقها نسبة المادة إلى الذات المبهمة، وهذه النسبة نسبة بالحمل الشائع، لوضوح أنها لم توضع بإزاء مفهوم النسبة الذي هو نسبة بالحمل الأولي، لأنه مفهوم اسمي لا حرفي، وتامة لما ذكرناه آنفا من أن تمامية النسبة إنما هي بوجود طرفيها في الذهن أو الخارج، نعم لا ملازمة بين كون النسبة تامة وبين ما صح السكوت عليها،