فإن شأن الشئ لا يباينه.
والخلاصة أن للمبدأ لحاظين: أحدهما لحاظه موجودا في الخارج بحياله واستقلاله في مقابل الذات، والآخر لحاظه لا بشرط أي بما هو واقعة الموضوعي، وهو أن وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه، ولا يمكن حمله عليها باللحاظ الأول، وأما باللحاظ الثاني فلا مانع منه، لأنه بهذا اللحاظ متحد معها بنحو من أنحاء الاتحاد في الخارج (1). هذا، وقد علق عليه السيد الأستاذ قدس سره بعدة وجوه:
الوجه الأول: أن ما ذكره قدس سره من الفرق ليس فارقا بين المشتق ومبدئه، بل هو فارق بين المصدر واسم المصدر، فإن العرض كالعلم مثلا متحيث بحيثيتين واقعيتين: الأولى حيثية وجوده في نفسه، والثانية حيثية وجوده لموضوعه، فيمكن أن يلحظ مرة بالحيثية الأولى، وهي أنه شئ من الأشياء وموجود من الموجودات بحياله، واستقلاله في مقابل وجود الجوهر، وبهذا الاعتبار يعبر عنه باسم المصدر، ومرة أخرى بالحيثية الثانية، وهي أن وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه، وأنه طور من أطواره، وبهذا الاعتبار يعبر عنه بالمصدر، حيث قد اعتبر فيه الاسناد إلى فاعل ما دون اسم المصدر.
وبكلمة، إن اسم المصدر وضع للدلالة على الوجود المحمولي في قبال العدم المحمولي، والمصدر وضع للدلالة على الوجود النعتي في مقابل العدم النعتي، فما ذكره قدس سره ليس فارقا بين المشتق ومبدئه، وإنما هو فارق بين المصدر واسم المصدر (2).