ومن ناحية أخرى، إن حديث التثليث هل يدل على أن الأركان الثلاثة هي مسمى الصلاة؟
والجواب أنه لا يدل على ذلك، فإن مفاده أن حقيقة الصلاة ثلاثة أثلاث، أما أن لفظ (الصلاة) موضوع بإزائها فقط أو الأعم منها ومن غيرها، فهو لا يدل على شئ منهما وساكت عن ذلك.
وأما المقام الثاني فلأن روايات التكبير في نفسها قاصرة عن الدلالة على ركنيته للصلاة، وهي على طوائف ثلاث.
الطائفة الأولى: هي الروايات التي جاءت تارة بلسان أن افتتاح الصلاة بالتكبير كرواية ناصح المؤذن (1)، وأخرى بلسان لا تفتتح الصلاة إلا بها كما في رواية المجالس (2)، وثالثة بلسان أن لكل شئ أنف، وأنف الصلاة التكبير كما في رواية إسماعيل بن مسلم (3)، وتقريب الاستدلال بها أنها جميعا تحكي عن مطلب واحد، وهو أن مبدأ الصلاة التكبير ولا تنعقد إلا به.
والجواب: أما عن الرواية الأولى فلأنها وإن دلت على أن افتتاح الصلاة بالتكبير وأنها لا تنعقد بدونه، إلا أن دلالتها على ركنية التكبير ودخالته في المسمى منوطة بأن تكون في مقام بيان حقيقة الصلاة وما يعتبر فيها، لا في مقام بيان ما يعتبر في مطلوبيتها شرعا، ولكن الظاهر منها الثاني دون الأول، فإن مناسبة الحكم والموضوع الارتكازية وهي صدورها من المولى تقتضي أنها في مقام الإشارة إلى جزئية التكبير للصلاة المأمور بها شرعا وبيان أنه مبدؤها،