الأول: في مقام الثبوت.
الثاني: في مقام الاثبات.
أما الكلام في المقام الأول فعلى القول ببساطة مفهوم المشتق وأنه نفس المبدأ الملحوظ لا بشرط من حيث الحمل، فلا يعقل تصور معنى جامع قابل للانطباق على المتلبس والمنقضي معا في الخارج، لأن المبدأ إما أن يكون موجودا فيه أو معدوما، ولا ثالث لهما، فتصويره تصوير جامع بين النقيضين، وهو غير معقول، وعليه فالمشتق بما أنه عين المبدأ ذاتا وحقيقة، فطالما يكون المبدأ موجودا فالمشتق صادق، إذا زال وانقضى زال المشتق ولا يعقل بقاؤه، وعلى هذا القول يكون حال العناوين الاشتقاقية كحال العناوين الذاتية كالانسان والحيوان ونحوهما، فكما أنه يستحيل بقاء تلك العناوين مع زوال مبادئها الذاتية التي هي حقيقتها، باعتبار أن شيئية الشئ إنما هي بصورته النوعية المقومة فكذلك عنوان المشتق، فإنه يستحيل بقاؤه مع زوال المبدأ، وإلا لزم خلف فرض كونه عينه، بل هو أسوء حالا من العناوين الذاتية، فإن تلك العناوين مركبة من المادة والصورة، فإذا زالت صورتها النوعية زالت العناوين بصورتها لا بمادتها.
هذا إضافة إلى أن هناك بحثا في الفلسفة عن إمكان انفكاك الذات عن صورتها النوعية من جهة البحث عن مدى تقوم الصورة الجسمية بالصورة النوعية، فهناك قول بأن الصورة النوعية كالأعراض للصورة الجسمية، ولا دخل لها فيها، وقول بأن الصورة الجسمية متقومة بإحدى الصور النوعية على البدل، وقول بأنها متقومة بأشخاص الصور النوعية، وتمام الكلام هناك، فالغرض هنا الإشارة إلى أن مسألة عدم انفكاك الذات عن صورتها النوعية ليست من المسائل المسلمة لدى الفلاسفة، وهذا بخلاف المشتق، فإنه على